ايجى ميديا

الثلاثاء , 7 يناير 2025
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

إبراهيم عيسى يكتب: ليلة ظهور الخفافيش

-  
إبراهيم عيسى

.. ما كل هذا العَرَق الذى سيطر تمامًا على كل سنتيمتر مربع فى جسدى النائم على السرير الشخبى فى غرفتى المظلمة، يأتى إليها واهنًا فقيرًا ضوء المطبخ، كنت متيقنًا أنه الحر الذى أيقظنى من نومتى المتقلّبة، وأنه أيضًا الذى دفعنى إلى خلع النصف الأعلى لملابسى -على غير عادتى- وأتخلَّى -ربما لأول مرة فى عهدى غير الملكى- عن عادة وضع رأسى بين الوسادتين.


كنت -حتى هذه اللحظة التى أمد فيها ساقى حيثما اتفق أو لم يتفق وأمسح عرقى بنصف ذراعى، وأمسح الأخيرة فى طرف الملاءة المتّسخ- أشعر أن الحر هو السبب الوحيد ليقظتى، لكن خربشة صغيرة تحت.............. لم أشعر بألم انطباق عظمى، لكننى حاولت قدر استطاعة جبان فى ليل ضد مجهول، أن أعثر على نظارتى المركونة جوار السرير، وعندما أمسكت بها أصابعى المرتعشة، قبضت عليها وارتديتها حتى تزيح غمامة عينى.


أسرعت نحو المطبخ، أمسكت بذراع المكنسة الخشبية، وعدت مرتفع النبض، مترنّح الجسد، مذهول النفس، فى أعلى درجات ارتباكى وتعثُّرى. لا بقاء لى فى هذه الغرفة، أو فى الشقة بأكملها ما لم أقضِ على هذا الطائر، أيكون خفاشًّا، يا نهار أسود.. يا أمى.. «أين تماسك كفّيها وهى تحاصر عصفورًا دخل من الحديقة لغرفة نومنا؟».


أزحت الباب قليلاً حتى أتمكّن من الطائر المجهول، فانطلقت من خلف الباب خمسة خفافيش سوداء بأجنحتها الصغيرة الحادة، ورأسها المجهول وجسدها الطائر.


صرخت مفزوعًا وقد احتكَّت الأجنحة برأسى وأعلى كتفى، حاولت -مجنونًا- أن أضربها بذراع المكنسة لكنها انكسرت فجأة.


صعدت الخفافيش فوق قوائم السرير، مسانده، على الملاءات، فوق الوسادتين، ثم طارت محلقة فى أركان الغرفة أمام النافذة.. على الحائط. شللت تمامًا.


مرعوبًا وقد طفرت الدموع على بوابة العين المغلقة وانزلقت النظارة حتى طرف أنفى. أغلقت باب الغرفة بعنف مشتّت.


ووجدت نفسى أسقط أمام الباب فى الصالة الضيّقة، أستند إلى مائدة طويلة بمفرشها البنى الغامق، ونور الغرفة المكتوم يشتبك مع نور المطبخ على البلاط العارى، حاولت النهوض وأنا أسمع طيران الخفافيش وحفيف الأجنحة واصطدام الأجساد، لكننى عجزت عن إيقاف انحدار رعبى من قلبى حتى أنامل قدمى اليسرى التى كان من المفروض أن أستند إليها لحظة قيامى.


ومن باب غرفة المكتب، لمحت انفتاح الباب الموارب وخروج الخفافيش فى مربع ناقص ضلع نحو الصالة.. قبضت أصابعى على مسند المائدة، وعدوت نحو باب الشقة، فتحت «كيف؟ لا تسأل»، وأغلقته خلفى، لأجد نفسى أمام باب الشقة نصف عارٍ، غارقًا فى عرقى، بلا مفاتيح، حافيًا دون حذائى، مرعوبًا ومطاردًا، ربما أكسبنى اليأس بصيصًا من العقل ومع استطراد سريع للآيات القصار التى أحفظها من القرآن الكريم، قررت أن أهبط إلى البوابة العجوز، هبطت السلالم المنحدرة بآلية يابانية ورعب مؤصّل حتى وصلت إلى باب البدروم، طرقت الباب بعنف.


استمعت إلى انسحاب الحذاء على البلاط، إلى ارتكان اليد فى الظلام، إلى همهمة اللعنات المكبوتة، خرجت البوابة وقد أمسكت بحافة الباب دون فتحه نهائيًّا، استوضحت ملامحى فى الضوء الخافت المُرسل من مصباح معلَّق فوق مدخل البناية.


> مَن أنت؟ - أنا الساكن فى الشقة العليا، فى الشقة خفافيش.


استغلق عليها الفهم، فاستوضحت حروف كلماتى، أكدت عليها نطقى: خفافيش.. فى الشقة خفافيش.


تبيَّنت رعبى وشكلى الضائع تمامًا.


> طيب، وماذا أفعل يا ابنى؟ عمرها ما حصلت عندنا أبدًا. - لا أعرف من أين جاءت.. وقد أغلقت الباب وليس معى مفتاح. دون أن تنبس.. دخلت ثم عادت تحمل مفتاحًا صغيرًا قدمته بأصابع تائهة فى الظلمة.


- خذ.. هذا مفتاح آخر.


ثم أطبقت ضلفتَى الباب، واختفت.


كانت صدمة المقاومة منفردًا قد نحرت محاولة إقناع البوابة بالصعود معى، قررت أن أصبح رجلاً «كم مرة يقرر الرجل أن يصبح رجلاً ولا يفعل؟» وأصعد وحدى إلى الشقة.. تقدَّمت نحو السلالم، أصعد الدَرج مهزومًا سلفًا، وقد أحسست بجسدى خائر القوى، متحلل الأطراف، مدفونًا فى العَرَق، تمسك بتلابيب أفكارى صورة الخفافيش، رعب التباسها فوق عينى، كارثة النوم فى الشقة مع الوجود الحر لها، أملى الخائب فى حضور النهار، مصير قلبى بعد توقفه المؤقت من الخوف، نظرت إلى قدمى الحافية، صدرى العارى، بنطلونى المبلول الملوَّث، قدمى المتربة المجروحة، المفتاح الصغير فى كفّى.


قبل أن أصل إلى طابق شقتى، استدرت نحو باب جارى، طرقت الباب، ثم ارتفعت الطرقات «المفترض أنها طرقاتى».


جاء الرد متأخرًا مبهوتًا.


- مَن؟


ثم دارت فى فتحة الباب دورتا مفتاح.. شريط النور القادم من انفراجة الباب، أوضح ملامح الرجل الخارج إلىّ، أعاد فى دهشة السؤال.


> مَن؟


بجرأة مستوردة طازجة من اليأس.. أجبته.


- أنا جارك فى الطابق الأعلى، شقَّتى مملوءة بالخفافيش لا أستطيع أن أنام، هل يمكن أن تأتى معى لطردها.


هل ابتسم الرجل؟ لا أذكر، ما هو مؤكد أنه فتح الباب عن آخره، فاندفعت منه عشرات الخفافيش بأجنحتها وأجسادها السوداء الصغيرة، تخرج من شقَّته من فوق رأسه، تقتحم وجهى، وتهز جسدى، وتسيطر على الوجود.

التعليقات