الشهر العقارى فى مصر الجديدة الملاصق لمحكمة مصر الجديدة، كان قديمًا شهرًا عقاريًّا نموذجيًّا، ترأسته مديرة ملتزمة نشيطة ممتازة، جعلت منه فعليًّا شهرًا عقاريًّا نموذجيًّا، تذهب إليه فى التاسعة صباحًا، فتجد الكل على مكتبه، يؤدّى عمله فى نشاط، وأيًّا كان ما ذهبت من أجله، كنت تنجزه خلال ثلث ساعة على الأكثر.
اليوم صار ذلك المكتب نموذجيًّا، كصورة للفشل والإهمال واللا مبالاة، تذهب إليه فى التاسعة فتجده خاليًا، لأن البهوات الموظفين يأتون فى العاشرة أو العاشرة والنصف، ويأتون متبرّمين، كأنه محكوم عليهم بالعمل، الذى يؤدّونه فى تكاسل وتخاذل ولا مبالاة.
ويثورون فى وجه كل مَن يطالبهم بالعمل، كأنهم أتوا إلى نادٍ اجتماعى لا إلى شهر عقارى رسمى، يتقاضون منه راتبًا مما ندفعه من ضرائب، ويتضرّرون من خدمتنا، كأنهم بلطجية يأخذون أموال ضرائبنا لإهانتنا.. تنتظرهم مرغمًا، وهم يجلسون ويتثاءبون بلا عمل، أو يعملون متبرّمين ومهمهمين بعبارات الغضب والسباب أحيانًا.
وما هى إلا ساعة أو يزيد قليلًا جدًّا حتى يُوقفوا العمل للراحة، من الجهد الذى لم يبذلوه، ويعاودون العمل بعد ساعة، لمدة نصف ساعة يبدؤون بعدها فى التسرسب واحدًا بعد الآخر، فإذا ما اعترضت صرخوا فى وجهك بأنهم خارجون من أجل لقمة العيش، وإلا فكيف سيُطعمون أولادهم، كأنهم لا يدركون أنهم بهذا يُطعمون أولادهم من مال حرام أتى كله من انعدام الأمانة والضمير.
ولا أنصحك بالتوجه بالشكوى إلى مدير المكتب الذى سيكتفى بالنظر إليك فى بلادة، كأنه يعمل فى عالم آخر، أو كأنه مدير شرفى للمكتب، وكل ما يفعله، أو يتصوّر أنه يفعله، هو أنه يحمل ختم النسر المقدّس ويختم به كل ما يوضع أمامه، حتى إننى تساءلت: لماذا لم يضع أحدهم أمامه استقالته ليختمها بالمرة؟!
ما الذى أصاب هذا المكتب، الذى يفترض أنه نموذجى؟! ولو أن هذه صورة النموذجى، فكيف الأحوال فى مكاتب الشهر العقارى العادية؟! وأين الوزير المسؤول، أو وكلاء الوزارة، أو الرقابة الإدارية، من كل هذا الإهمال وهذه الفوضى؟ ألم يقل رئيس الوزراء إنهم لن يجلسوا فى مكاتبهم؟! فليرتبوا إذن زيارات مفاجئة إلى مكاتب وزاراتهم، ويتابعوا أو يحاولوا ضبط الفساد، الذى استشرى فى الإسكان والمرافق والشهر العقارى..
والسؤال الأهم، فى حالة الفوضى والفساد هذه: هو حلايب وشلاتين مش محتاجة موظفين يتنقلوا هناك؟!.. جاوبنى يا نموذجى.
«ينشر للمرة الثانية»