أثبتت الأحداث الأخيرة فى مصر أهمية مصر للعرب جميعًا.. واعترف العرب بأهمية مصر ودورها التاريخى، وأن انهيار مصر يؤدى إلى انهيار العرب جميعًا.
لقد غابت مصر عن العرب فترة فى ظل انهيارها داخليًّا وسيطرة أصحاب المصالح الشخصية على السلطة والفساد الذى استشرى، فضلاً عن مشروع التوريث الذى كان يسيطر على نظام حكم مبارك عن أى شىء آخر.. فكان همهم إنجاز المشروع على حساب حاضر ومستقبل الوطن.
وقد شجع غياب مصر البعض على محاولة انتزاع الدور المصرى وزعامتها للأمة العربية فى نفس الوقت الذى شجع دولاً أخرى غير عربية على ممارسة دور فى المنطقة ومحاولة اللعب على التوازنات فى ظل الغياب المصرى.
وعندما قامت ثورة ٢٥ يناير لم يستطع من أداروا حكم البلاد استعادة الدور المصرى رغم أن البيئة كانت مؤهلة فى ظل الثورات التى حدثت تأثرًا بما جرى فى مصر، لكن لم يتنبه هؤلاء (الإدارات الفاشلة) لأهمية مصر ودورها عربيًّا وإقليميًّا.. وتركوا الساحة لتدخلات من قوى صغيرة سواء كانت عربية أو إقليمية غير عربية، وأقصد هنا تحديدًا قطر وتركيا وإيران.
وجاء الإخوان إلى الحكم.. ولم يستعيدوا الدور المصرى.. فقد كانوا يسعون لإخضاع الدولة والوطن للجماعة.. فلم يفرقوا شيئًا عن نظام مبارك ومشروعه لتوريث الحكم.. فالإخوان أرادوا مشروع «الجماعة فوق الدولة».
كل ذلك كان له تأثيره الأسوأ على العرب والمنطقة كلها، ناهيك بحالة عدم الاستقرار التى مرت بها مصر بعد ثورة ٢٥ يناير والتى أثرت أيضًا على دول عربية.. وكانت هناك مخاوف فى دول أخرى من انتقال العدوى إليهم، فكما يقولون هم: إذا مرضت مصر مرض العرب جميعًا.
وعاد العرب إلى مصر بعد أن شاهدوا ثورة ٣٠ يونيو ضد الفشل وغباء سلطة حكمت وأرادت الشر ليس للبلاد فقط وإنما للإقليم كله.
وأعلنت الدول العربية بشكل واضح وصريح مساندتها لإرادة الشعب المصرى فى اختيار سلطته بعدما أطاح بحكم الإخوان الفاشل الذى أراد تدمير الدولة المصرية.
وقد كشف وانكشف للعرب جميعًا أهمية مصر ودورها بعد أن رأت قوى أخرى تحاول أن يكون لها نفوذ وتؤثر فى القرار العربى، بل تكون صاحبة القرار.. فكان الحل مصر.
واستفاقت مصر أيضًا على دورها العربى الذى كان يحاول البعض طمسه من داخل الحكم تحت شعار «مصر أولاً»، وجادت مساندة العرب لمصر فى ٣٠ يونيو لتوقف النزيف الذى حاولت الدول التى أغراها غياب مصر لفترة أن تلعب الدور فى استمراره.. وتتسلل إلى المنطقة لقيادتها.
فعودة إلى الدور التاريخى لمصر فى إقليمها العربى، وكذلك استمرار الدور العربى لمساعدة مصر وخروجها من أزمتها، فقد أنقذت مصر الدول العربية أخيرًا من مصائب ومحاولة جماعة بتعاون مع دول صغيرة ودول إقليمية للسيطرة على المنطقة وإثارة قلاقل فى بعض الدول.. فمصر فى حاجة إلى العرب كما هم -العرب- فى حاجة إلى مصر ودورها الريادى والمحورى.. ولن يتم ذلك إلا بمساعدة كبيرة منهم للخروج من أزمتها ومأزقها للانطلاق نحو استعادة الدور واستعادة العرب دورهم إقليميًّا ودوليًّا.
وكما قال الشيخ محمد بن راشد حاكم دبى: «علاقتنا التاريخية مع مصر فى أقوى مراحلها، واستقرار مصر هو دعم لاستقرار عالمنا العربى.. ورخاء مصر ضمانة لعودة دورها المحورى».
لقد عادت مصر إلى العرب.. والعرب يعودون إلى مصر الجديدة.