هذا الشعب هو صانع هذه اللحظة التاريخية.
استعاد المصريون بلدهم من مخالب الفوضى ومن تحت حوافر عصابة الإخوان ومن بين فكَّى الخونة.
كان أمس يومًا معمولاً للتاريخ.. قطعة أرابيسك مصرية خان خليلية خصيصًا للدنيا، حتى تعلم أن مصر الدولة ببروتوكولاتها وتقاليدها ومراسيمها وقواعدها وبهجتها وعزّها ونسبها الحضارى وعراقتها فى بناء الأمم حاضرة بتمسِّى على كوكب الأرض.
حفلات تنصيب رئيس وتسليم ونقل سلطة من رئيس سابق إلى رئيس لاحق هى استعادة للهيبة والرهبة والفخامة..
هل هذا بذخ؟
هل المفروض أن تحتفل الدولة المصرية برئيسها الجديد بكتْب كتاب فى دار مناسبات مسجد الشرطة بالدراسة؟!
الذين ينتقدون هذه المظاهر الرسمية والمراسم الشكلية ويعتبرونها ترفًا أو تبذيرًا يذكّروننى بمن اعتبر المظاهرات إهدارًا للمال ووقفًا لعجلة الإنتاج!
الذين هم من فرْط الكراهية ومن حمّى الحقد التى يلوثون بها معارضتهم الكسيرة جماهيريا يتهمون هذه التقاليد الدولاتية بتعطيل المرور ووقف حال الناس، هى ذات التهم التى توجَّه إلى مظاهراتهم النحيلة المتشنجة بأنها تعطيل للمرور وتوسيخ للشوارع!
الدولة تحتاج إلى عَلَم ونشيد ومظاهر وتقاليد وحفلات تنصيب، كما تحتاج إلى قوة أمن واقتصاد.
سأعود إلى واقعة تاريخية لعلها تشرح أن الحرية والديمقراطية لا تتقاطعان مع هيبة الشكل، فعندما سافر عمر بن الخطاب ليتسلم مفاتيح القدس سارع معاوية بن أبى سفيان والى الشام، فى موكب عظيم من خيل ومن خدم وعبيد وهوادج وجنود وفرسان لمقابلة عمر. فلما دنا منه قال له عمر: أنت صاحب الموكب العظيم؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: ولِمَ تفعل هذا؟ قال نحن بأرض جواسيس، العدو بها كثير فيجب أن نُظهِر من عز السلطان ما نُرهِبهم به، فإن أمرتنى فعلت وإن نهيتنى انتهيت، فوافَق عمرُ أو قَبِل.. عمر المتقشف الأعظم والمحاسِب لولاته على السحتوت اقتنع بمنطق معاوية.
هل ترضيك هذه الحكاية، وأرجو أن يكون بعضنا معافَى العقل ويدرك أننى أضع ما جرى أمس موضع معاوية لا عمر!
المحصِّلة.. مصر آمنة.
مصر تدوس على تهديدات الإخوان، حين يدوس ضيوفها بأحذيتهم على السجاجيد الحُمر..
مصر مستقرة وقادرة ومضيافة..
مصر مروّقة ورايقة ومبتهجة ومستبشرة وفرحانة وناوية.
هذا من حيث الشكل، أما من حيث المضمون فالأيام جاية كتير.