كتب إيهاب علي
قال عبد الله الشامي، مراسل شبكة "الجزيرة" الإخبارية " أنا لا أدري كم بقي لي على قيد الحياة في تلك الدنيا، لكنني وإن مت الآن يكفيني ليريحني أنني مدرك أن المعركة ستستمر وأن الحرية ستنتصر يوماً".
وأضاف الشامي خلال رسالته التي نشرها شقيقه مصعب على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، "أحتار فيما يمكن أن أكتبه في ذكرى ثلاثمائة يوم على تقييد حريتي، وانتزاعي من أهلي والعالم لأكون رهن جدران أربعة يتعاقب عليها الليل والنهار لا تكاد تميز فيها جيداً إلا نور الصباح أو عتمة الليل أو صوت الطيور والبشر و السيارات المنطلق و صوت الطائرات في السماء".
وأردف مراسل شبكة "الجزيرة" المعتقل منذ فض اعتصام رابعة العدوية لجماعة الإخوان المسلمين في أغسطس الماضي، "حين أكتب هذا الخطاب على غفلة من السجان ولا أدري إن كان سيصل للعالم أم لا وفي زنزانة انفرادية قضيت فيها ما مضى من ثلاثة وعشرين يوماً بسجن العقرب، إذ أكتب هذا الكلام تتزاحم على طرف لساني وفي عقلي آلاف الخواطر، أيام لا تعلم فيها إن كان أهلك، وقد رأيتهم في تلك الفترة مرة واحدة، بحال جيدة، أو ما إذا كان العالم لا زال كما عهدته و قصصه وأنت قد غدوت بلا مصدر للأخبار تماماً، و فوق ذلك تجلس يومك كله وحيداً، لا تختلط بأحد ولا تخرج إلا لدقائق في آخر النهار وحدك، وهذا كله أمر و استمرارك ممتنعاً عن الطعام أمراً آخر، فيكون أصعب و أشد إذ أنت بلا ونيس و لا عمل".
وعن إضرابه عن الطعام والشراب قال الشامي خلال رسالته "قد جربت ماهو أشد خلال آخر 8 أيام من مايو بالامتناع عن الماء أيضاً حتى فقدت الوعي لمدة لا أعلمها فأنا لا أستطيع حساب الوقت في هذا المكان، و بعدها عندما لفظ جسدي دماً (كنزيف) و سوائل لا أعلم ماهيتها، حينها جائني طبيب قال أن جسدي ينذرني بأن الكلية قد تتوقف، ثم عدت مرة أخرى للماء وبدأت أشرب بعض العصير أحياناً، و في هذه الأيام أيضاً يأتيني من الناس مأمور السجن ومفتش المباحث وغيرهم إما لحديث عن الإضراب أو لتفتيش ما بحثاً عن شيء مجهول ثلاث مرات في الأسبوع".
وواصل في الشامي "أنا صحفي، قرأت في سياسات الأنظمة كثيراً، أدرك أن السلطة التي تحتجزني الآن وتعزلني عن العالم كله قد تكون تفعل ذلك لتضغط على أهلي بإشاعات عن كسري للإضراب الذي أخوضه كمعركة حياتي، أو ليجعلوا الناس يصدقوا تلك الشائعات و يكسروني بخسارتي دعم الناس، لكنهم لا يدركون أنني قد اجتزت تلك المرحلة تماماً".
وتابع الشامي أنه انتصر في معركته ضد أجهزة الدولة منذ أن بدأت أجهزة الدولة تحارب إضرابه وهو فرد واحد أعزل، وأضاف "عن كسري فلم يكن لمن امتلك إراة كإرادتي أن ينكسر أبداً، وأما عن الضغط على زوجتي وعائلتي فهم لا يعرفونهم كما أعرفهم أنا، ولا يعرفون أن الضغط يزيد أمثالناً إصراراً، وأما عن دعم الناس فمن صدقني وصدق قضيتي من البداية لن يخذلني الآن، ومن كذبني و كذب قضيتي أيضاً من البداية لن يصدق وأن رأى أهلي يتسلمون جسدي وقد صعدت منه الروح بعد إضراب استمر أشهر".
واختتم الشامي رسالته قائلا "أنا لا أدري كم بقي لي على قيد الحياة في تلك الدنيا، لكنني وإن مت الآن يكفيني ليريحني أنني مدرك أن المعركة ستستمر وأن الحرية ستنتصر يوماً، وأن هناك الملايين من الصحفيين في العالم سيتذكرون أن هناك شاباً قدم حياته لئلا تقيد حرية أحدهم أبداً، وليعلم كل صحفي في العالم، أن له الحق الكامل المطلق أن يغطي أي حدث كما يراه أمام عينه بكل شفافية ووضوح ويترك المشاهد أو القارئ وحده يحكم على ما يراه،وليعلم كل إنسان أنه لا حق لأحد أن يقيد حريته دون ذنب أو جريمة، أنا قد أديت رسالتي، ونهاية كلامي وليس بعد خلاف أنني مستمر في معركتي، فإما أن أنال حريتي كاملة، أو أن أحدهم سيأتي بعد رحيلي عن الدنيا ليكمل ما بدأته".