هوامش على جدار الوطن!! ما عدت يا مصر بالبلد الطيب، عندما كان الناس فى مصر لا يسمعون من الأغانى إلا أم كلثوم وعبد الوهاب وفايزة أحمد وعبد الحليم ونجاة وفريد، كان السادة الأفندية خطباء المساجد يهاجمون الغناء والمغنيين، وأم كلثوم خصوصا، ولما تقدَّم الزمن و«خاب» الناس فى بر مصر وانتشر الغناء الردىء.. الغناء المغشوش.. الغناء المضر بصحة الناس والوطن.. الغناء الذى حذَّرنا منه ابن خلدون بقوله «تبدأ الحضارة بالتحلل بما يسمعه الناس»، كفَّ السادة الأفندية خطباء المساجد عن الكلام فى موضوع الغناء، كأنهم يودون ذلك، أى بترك الناس الغناء الجيد الغناء المفيد ليذهبوا إلى الغناء المغشوش، الغناء المشع أضرارا لا حصر لها! زمان كان الكل يحرص قبل أن يخرج من بيته أن يضع قلما قيما فى جيب قميصه، والمدهش فى الأمر، كان الذى لا يقرأ ولا يكتب أو الأقل تعليما أكثر الناس حرصا على حمل القلم.
ولمَّا تقدَّم الزمن وأصبح الوطن مثل الإسفنج يمتصّ كل ما يوضع عليه، وجدنا الناس فى مصر تحرص على حمل السنجة من المتعلم إلى الجاهل، والكل يتباهى بحمل «سنجة أبو جهل»! نعم هى «سنجة أو سيف أبو جهل» التى يحملها ليخيف بها الناس فى الجاهلية «ما قبل الإسلام وما بعد ظهور الإسلام».
بعد 19 مارس 2011 وما تلاه من أفعال لا تبشِّر بخير، وبعد القضاء على بؤرة رابعة، وضح لنا أن ما يعنيه الوطن من كوارث تحيط بنا من جميع الجهات سببها تفشِّى ظاهرة «الأميين الجدد»، أى أن نكسة مصر تعود إلى وجود الأميين الجدد.
مداخلة «شاب خريج أزهر لغة عربية، لا يُحسن التحدث بلغة عربية سليمة، يُعيَّن إماما وخطيبا، أى يقف كل جمعة على المنبر ليخطب فى الناس، فلا يُحسن الخطابة من حيث الأداء ومن حيث المعلومة ومن حيث كل شىء، والكارثة لم تقف عند هذا الحد، لأنه عُيِّن مفتشا على المساجد والخطباء، حيث دخل مسابقة ونجح فيها، إذ إن لديه معلومات حفظها فى رأسه كما «هدد الكمبيوتر»، لكنه -أى هذا الشاب- ليس لديه ثقافة من أى نوع، وهنا تكمن الطامة الكبرى»، وهؤلاء الأميّون حاصلون على أعلى الشهادات، ورغم هذا ليس لديهم فهم ولا ثقافة من أى نوع، مداخلة «لا يمكن أن أنسى أن ابن أخى عندما تخرج من بضع سنوات فى طب عين شمس، وأصبح طبيبا، أتانى وطلب منى: (عمو عاوز أكون مثقفا)، كارثة تفسد مصر أوجدها أساتذة الجامعة التى تحوَّلت إلى شىء بلا معنى أو قيمة.. إن كان لديك قطعة أرض زراعية وتريد أن تحوِّلها إلى أرض مبانٍ، فما عليك ألا أن تقوم بزراعة مسجد فى منتصف الأرض، ومن ثمَّة يمكنك أن تبنى ما تشاء من مبانٍ، ولن يقدر مخلوق أن يوقفك عند حدك، لأنه لا يوجد مخلوق يقدر وقف بناء مسجد، ومن هنا فكم أرض زراعية تحوَّلت إلى أرض مبانٍ بسبب تلك الحيلة؟! ومن هنا فنحن نرى جميع الناس تذهب إلى الصلاة ثم تخرج لتمارس أشياء تنهى عنها الصلاة، هل يمكن لأحد أن يشرح لى: كيف لرجل يخرج ليُصلِّى الفجر وفى يده كيس زبالة، ليضعه بجوار أى بيت وهو متجه إلى الصلاة، وقد يُسبِّح وهو يسير متجها إلى المسجد، وفى يده كيس زبالة؟! للبريد بقية.