إجازة لماذا؟ وقبلها بساعات قليلة افتتاح مهرجان الإسماعيلية، وفيض من التزايد فى إعلان البهجة والفرح نتيجة لفرز الأصوات، وكأن هناك مفاجأة، كل من صعد على المسرح فى المهرجان وجدها فرصة لإعلان الولاء، الوحيد الذى التزم هو المخرج الشاب أمير رمسيس فقط تحدث عن فيلمه «اليهود فى مصر» لأنه لا ينتظر شيئا من النظام القادم.
وزير ومحافظ ورئيس مهرجان يبايعون مثنى وثلاث ورباع، تذكرت عددا من المهرجانات العربية، وكيف يحيلها المسؤولون إلى سرادق لمبايعة الرئيس المفدى.
أتصور أن السؤال الذى يؤرق حاليا كل عبده مشتاق أو فى طريقه للاشتياق، ما الذى يريده الرئيس القادم؟ الأغلبية سوف تضبط موجتها على موجة التردد الجديد، وهم الآن فى حالة اجتهاد لمعرفة شفرة الرئيس، معتقدين أن من اجتهد وأصاب، له أجران ومن اجتهد وأخفق فله أجر، لا أتصور أنه من الممكن تطبيق القاعدة الشرعية على الحالة المصرية.
يحاولون القياس على ما لديهم من معلومات مسبقة، الرجل العسكرى يتحدث عن الاستيقاظ فى الخامسة صباحا، وهكذا مثلا تكتب إحدى الجرائد مبايعة مسبقة لجمهورية الساعة الخامسة، رغم أن شرط العمل الجاد غير مرتبط بالخامسة بل بعدد ساعات العمل والجهد والعرق والإخلاص، الإجازة التى أقرها مؤخرا مجلس الوزراء أراها غير بعيدة عن كل ذلك، ربما وجد المجلس أن هذا يُرضى السيسى عندما يتحول يوم تنصيب الرئيس إلى إجازة رسمية، رغم أن الرجل طالب فى خطابه الأول بالعمل، والكل يعلم أن مصر تفوقت فى تحقيق أكبر عدد من الإجازات سنويا على مستوى العالم كله، كما أن العامل المصرى لا يعمل أكثر من 27 دقيقة يوميا، فهل نستحق إجازة إضافية؟
هناك تفاصيل تبدو للوهلة الأولى صغيرة، ولكنها تلقى بظلالها على الحالة المصرية، مثلا منع المخرج السورى محمد ملص من دخول البلاد، رغم أن عددا من القريبين من الدولة مثل المخرج خالد يوسف تحدث لتلك الجهات الحساسة، التى تملك القرار، لكنها لم توافق هذه المرة رغم أنهم سمحوا قبلها بأسبوعين فقط عندما تمت دعوته لحضور عرض فيلمه «سُلم إلى دمشق» بالقاهرة، ما مواقف مصر الرسمية مما يجرى حاليا فى سوريا؟ ملص ضد بشار ومع الثورة، هو بالتأكيد ليس مع المتطرفين، ولكنه معارض شرس لبشار، وكم من مرة تم اعتقاله فى دمشق فكيف يجد باب القاهرة مؤصدا أمامه، أجرى بشار انتخابات أضحكت العالم كله، وصار رئيسا للبلاد، هل مصر تقف مع رئيس يغتال شعبه لمجرد أنه يرفع فى المحافل الدولية صندوقا ملطخا بالدماء، لقد اجتهدوا فقرروا أن لا يسمحوا بمعارض سورى حتى يقرر الرجل الكبير الموقف الرسمى.
الأعمال الفنية الأخيرة وتلك المصادرات والرقابة المجتمعية تقع كلها فى إطار محاولات الوزير الأبدى صابر عرب، اللى دوب خمسة أو ستة وزراء وثلاثة رؤساء جمهورية، على اعتبار أن طنطاوى كان يلعب هذا الدور بعد ثورة 25 يناير، عرب يحاول أيضا أن يجتهد، وهو يعتقد أن الدولة القادمة تميل أكثر إلى التحفظ، ولهذا تعددت اللجان التى ارتبطت فى عهده بحجة أنها تراعى التوجه الاجتماعى، وهو الذى يشكلها أى أنه يتعمد اختيار الشخصيات، التى تميل بطبعها للتحفظ، حتى أغنية مصطفى كامل الذى يطلقون عليه مطرب الثورة عندما يقول بهذه الركاكة الشعرية، «ربنا وياك ياـبنى على مين يعاديك يا بنى»، يتصور أن هذا يرضى السيسى، الزميل جابر القرموطى يرتدى زيا خليجيا، ويحيى العلم المصرى، معتقدا أن المرحلة المقبلة، تتطلب هذا التماهى مع الخليج، ويدخل فى المعادلة أيضا، توقف برنامج باسم يوسف، ومنع فهمى هويدى من السفر، كلها محاولات لقراءة الشفرة أقصد من يعتقدون أنها الشفرة؟