للإنجليز سياسة قديمة اشتهروا بها، ونسبت إليهم عبر العصور.. وهى سياسة (فرِّق تسُد).. وعلى الرغم من خروجهم من الحرب العالمية الأولى منتصرين كدولة عظمى، فإن مصر التى يحتلونها -آنذاك- فاجأتهم بثورة 1919م، التى اتّحدت فيه كل فصائل الشعب فى صف واحد، خصوصًا المسلمين والمسيحيين..
ولأن الإنجليز لهم طبع متغطرس، يأبى الهزيمة، راح ساستهم ورجال خدمتهم السرية يبحثون عن الوسيلة المُثلى، لشق الصف المصرى، وإشاعة الفُرقة فيه.. أيامها كان رجل بسيط يسعى لنشر الفضيلة، عن طريق الوعظ فى المقاهى والأماكن العامة، وكان فى الوقت ذاته من المبهورين بالماسونية، وقدرتها على التنظيم، والتخطيط لأزمنة تالية.. وهكذا اجتمع الثلاثة.. الإنجليز بسياستهم التفريقية، وذلك الشاب حسن البنا.. والماسونية.. كانت هذه هى المطرقة التى يبحثون عنها، لكسر وحدة الصف فى مصر.. الدين.. الماسونية موَّلت، والإنجليز خطَّطوا، وحسن البنا نفَّذ..
وعندما نفّذ لم يكن يدرك أنه قطعة شطرنج، تحرِّكها يد الماسونية العالمية، من أجل إشاعة الفرقة والفوضى، تمهيدًا لمجىء ملك اليهود، الذى يسعون لوضعه على عرش العالم.. هذا لأن الشيطان لا يسعى أبدًا خلف الفاسدين، فقد دخلوا مملكته بالفعل، وإنما يسعى خلف المؤمنين، و(يزيِّن) لهم أعمالهم، فيعملون كجند له، يقاتلون من أجله، وهم يتصوَّرون أن لهم أهدافًا سامية.. ومهمة الشيطان هى إقناعهم بأن الأهداف العظيمة، يمكن الوصول إليها بوسائل خسيسة حقيرة، وعندما يصدّقونه، لأنه شاطر، يتحوَّلون إلى شياطين صغيرة، ترتدى ثوب الفضيلة، وتفسد فى الأرض وتسفك الدماء..
المهم فى هذا أن الماسونية العالمية غرست مسمار التطرّف فى مصر، وراحت تموّله فى سخاء، لأنه يمهّد الطريق لملك اليهود.. وفى الوقت ذاته زادت الماسونية العالمية واتحاد الصيارفة من وجودهما فى أمريكا الواعدة، وصار صندوق النقد الدولى وسيلة مُثلى، لتوريط الشعوب وبث الغضب والفوضى وروح الثورة فيها..
ومؤخّرًا، موَّلت الماسونية العالمية سياسة جديدة، وجدت فيها العصا السحرية لهدم الشعوب، وإعادة تنظيم العالم على هواهم، وتكوين جيش من الموالين لهم، والذين يصيرون جنودًا لأغراضهم، دون حتى أن يدركوا هذا.. وهكذا نشأت سياسة السوس.. أو سياسة النخر من الداخل، أى هدم الشعوب من داخلها، عبر فئة منها، تتسم بفورة الحماس، وقلة الفهم والمعرفة.. فئة تجهل، وتجهل أنها تجهل.. تلك الفئة يمكن تجنيدها، عبر كلمات برّاقة وعبارات فخمة عن مبادئ عظيمة، ولكنها ليس ما يسعى خلفه شيطان الماسونية الرجيم، إلا أنها تكفى لهدم الشعوب من الداخل، بواسطة فئة من الشعوب نفسها، أو ما يُطلق عليه اسم «حرب الجيل الرابع».. ولهذا حديث آخر.