البلاشفة، الذين قادوا قطيع الشباب والعمال لإسقاط النظام الإمبراطورى، باسم الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة، لم يحتملوا رفض البرلمان القرارات الديكتاتورية التى أصدروها، فألقوا القناع عن وجوههم القبيحة، وأبرزوا أنيابهم، وانقضوا على البرلمان، واعتقلوا النواب، وأسقطوا القانون والدستور، وركلوا الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة بأحقر حذاء لديهم... وعندما خرج الشباب يتظاهر، مطالبًا بما ثار من أجله، أرسلوا إليه أهلهم وعشيرتهم، فضربوهم وجرحوهم وقتلوهم وقمعوهم... وفاز اتحاد الصيارفة، الجناح الاقتصادى للماسونية، فى جولته الأولى... وعلى الرغم من هزيمة ألمانيا، فقد سعى اتحاد الصيارفة لتمويلها، بما يلزم لإعادة بناء قوتها العسكرية، عن طريق روسيا، التى يدين نظام البلاشفة فيها لهم بالكثير... وساعدوا هتلر على الوصول للسلطة؛ حتى يسعى لصنع الفوضى فى أوروبا، ولكنه ما إن فاز، ودانت له السلطة، حتى أثبت أنه أكثر خبثًا منهم، فعمل على اجتثاثهم تمامًا، حتى لا يصنعوا به ما صنعوه بغيره، خاصة أنه اتبع أساليبهم نفسها؛ للوصول إلى السلطة... هتلر كان يعرف أيضًا ما فعله اتحاد الصيارفة؛ عندما أدرك أنها كمستعمرة إنجليزية، صارت أقوى من إنجلترا نفسها، بعد أن صار ميزان مدفوعاتها متساويًا مع مواردها، مما أعجز اتحاد الصيارفة عن أن يمارس لعبته التقليدية معها، عبر الإقراض والتوريط... وكان هتلر يعلم أيضًا أن اتحاد الصيارفة لم يعدم حيلةً أمام هذا، وإنما بحث فى اقتصاد المستعمرة الأمريكية عن نقطة ضعف، فوجد أن العملة الأمريكية تعتمد على غطاء من فضة، وهنا سعى الاتحاد لشراء بنك إنجلترا، مع حق صك العملة الإنجليزية، ثم قرّر ضرورة اعتماد اقتصاد الدول على غطاء من الذهب لا الفضة، ثم حظر استخدام العملة الأمريكية خارج المستعمرة... وهنا ثارت المستعمرة الأمريكية، واستقلّت، ولكنها اضطرّت إلى الاعتماد على غطاء من الذهب، مما أدى لتراجعها اقتصاديًّا لفترة من الزمن... عرف هتلر هذا، فشن الحرب على الماسونية، المتمثّلة فى اتحاد الصيارفة الصهيونى... وهنا انقلب عليه المجمّع الماسونى، وسعى للقضاء عليه، باعتبار أنه قد أدى دوره، ولم تعد الخطة الماسونية بحاجة إلى عدو مثله، شكّل أكبر تهديد لها، منذ أن انحفت بها الصهيونية إلى السياسة... ولأنه كان من الواضح أن أمريكا هى القوة الجديدة، التى تصعد فى سرعة، قرّر اتحاد الصيارفة نقل نشاطه الرئيسى إلى أمريكا... ومن هنا كان تحوّله من اتحاد الصيارفة إلى صندوق النقد الدولى... وبقواعد السيطرة نفسها... الإقراض والتوريط... ومع تطوّر الحياة، تطوّرت أساليب الماسونية العالمية، بعد أن أدركت أنها تستطيع ضم عديد من الجنود إليها، ودفعهم لتحقيق مآربها، دون أن يدركوا حتى أنهم يفعلون هذا... وكانت نشأة التنظيمات المتعصّبة، وذات الفكر المتعالى عن مجتمعاتها.. وكانت نشأة جماعة الإخوان... وللتاريخ بقية.
نبيل فاروق يكتب: جنود العدو… «2»
مقالات -
د. نبيل فاروق