أكثر ما يثير مخاوف كل من يتربّص بمصر والعالم العربى، منذ وفاة الزعيم جمال عبد الناصر، هو أن يولد فى مصر زعيم آخر، يتمتّع بشعبية كبيرة، وأيديولوجية واضحة، قادرة على دفع مصر إلى الأمام، وإعادة وضعها على الخريطة العالمية.. وعبر السنين، طوّر المتربّصون وسائلهم؛ لضمان تحجيم دور مصر، وتراجعها اقتصاديا وسياسيا، عبر استخدام ما جاء فى الوثيقة الماسونية القديمة، حول استغلال الاقتصاد لتدمير الأمم، وضمان انهيارها، حتى تسقط فى قبضة أنظمة موالية للمجمّع الماسونى، أيا كانت هيئتها، أو الصورة التى تتخفّى خلفها.. فمنذ منتصف القرن السابع عشر، قرّرت الماسونية العمل جاهدة عبر العصور، من أجل بلوغ الهدف الأسمى بالنسبة إليها، ألا وهو الفوضى العالمية، التى استعدوا لها، واعتبروها الفرصة والهدف، الذى يبلغ غايته بظهورهم كمخلّصين، بحيث يحكم ملك اليهود العالم فى النهاية.. وهنا يتحقّق السلام العالمى من وجهة نظرهم.. أو بمعنى أدق، يحكمون هم العالم كله، ويصير غير اليهود عبيدا وخدما تحت أقدامهم.. من أجل هذا اتحد اليهود، من أصحاب المصارف الكبرى، لينشئوا ما أطلقوا عليه اسم «اتحاد الصيارفة»، وذلك حتى يصيروا قوة اقتصادية هائلة، قادرة على إسقاط أنظمة كاملة.. موّلوا مؤامرة اغتيال ولى عهد النمسا، حتى تندلع الحرب العالمية الأولى، لإسقاط الإمبراطورية العثمانية فى رمقها الأخير، وتدمير ألمانيا.. واستفادوا من تجربتهم فى إشعال الثورة الفرنسية، فى منح الإمبراطور الروسى قروضا كبيرة، مع ضغوط للحصول على فوائد قروضهم، مما اضطره إلى الضغط على الشعب الروسى، فى نفس الوقت الذى دسوا فيه جواسيسهم وسط العمال والشباب الروسى؛ لإشعال نار الغضب، التى انتهت بالثورة على نظام رومانوف كله.. ولإذكاء نار الثورة، موّلوا عملية تعرف باسم «الحصان الحديدى» لإعادة لينين المنفى إلى روسيا؛ ليقود الثورة، ومنحوا البلاشفة تمويلا هائلا، حتى يمكنهم استقطاب الشعب الجائع.. وعلى الرغم من ثورة الشعب، فإن شرطة الإمبراطور لم تلجأ إلى العنف معه، واكتفت بالضرب بظهر السيف فحسب، وهنا لجأ البلاشفة إلى ما تعلّموه من الوثيقة الماسونية، التى حملت الترجمة العربية لها اسم «بروتوكولات حكماء صهيون»، ونشروا رجالهم المسلحين بين الجموع، يقتلون المتظاهرين، ويصرخون بأن الشرطة قتلتهم.. وثار الناس على الشرطة، للثأر لدماء القتلى، ومع ذبح أوّل شرطى، على يد الثائرين، تحوّل الأمر إلى حمام دم.. الثوّار يقتلون رجال الشرطة، ورجال الشرطة يدافعون عن أرواحهم، ويقتلون المتظاهرين.. وسقطت روسيا فى قبضة البلاشفة، الذين يصرخون باسم الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة، ودفعوا أمامهم جموع الشباب والليبراليين، حتى سقط نظام رومانوف.. وكان أوّل ما فعله البلاشفة، مع استيلائهم على الحكم، هو الانسحاب من الحرب العالمية الأولى، تنفيذا لصفقتهم مع اتحاد الصيارفة.. ثم كشف البلاشفة وجوههم، وأبرزوا أنيابهم، و... ما زال للتاريخ بقية.
نبيل فاروق يكتب: جنود العدو.. «1»
مقالات -
د. نبيل فاروق