ايجى ميديا

الثلاثاء , 7 يناير 2025
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

جمال فهمي يكتب: الجموع المراوغة..

-  
جمال فهمي

هل الجموع دائما على حق؟ أو بالأحرى، هل هى دائما صادقة إذا اجتمعت؟ وقبل الإجابة، التى هى غالبا «إجابات» وليست إجابة واحدة، يلزم أولا التفرقة بين «الجموع» و«الشعب»، فالأولى كتل بشرية هوجاء وطارئة ومنفلتة من أى تنظيم يراعى تنوعها الأصلى والطبيعى مما يجعل التلاعب بها أمرا سهلا (هل تتذكرون حشود «قندهار» ومظاهرات «الشرعية والشريعة»؟) غير أن «الشعب» مفهوم آخر، فهو كيان دائم ومعقد ومستقر على تنوعه الطبقى والفكرى ومنظم بالطبيعة على أسس وفى أطر توضح اختلافَ أو حتى تعارضَ مصالح مكوناته.

وأعود لـ«الجموع» والسؤال عن صدق أسباب اجتماعها.. هذا السؤال الذى شغل تفكير طيف واسع من المفكرين والفلاسفة والمبدعين خصوصا فى التاريخ الإنسانى الحديث والمعاصر، وتحديدا فى سياق البحث عن حقيقة ظاهرة الجماعات الفاشية وأصول التطرف عموما، ومن هؤلاء الذين أبدوا اهتماما وقلقا من فكرة «الجموع» ذلك الروائى البولندى جرزى لاندروجسكى الذى بدأ حياته مناضلا (فى الحزب الشيوعى) بين جموع البشر وانتهى وهو يشُك شكًّا عظيما فى فائدتها وفى صدقها معا.

قد لا يكون أندروجسكى مشهورا ولا معروفا عند قطاع واسع من القراء بمن فيهم كثير من المتخصصين، ومع ذلك فإن روايتين من أعماله طغت شهرتهما وذاعت وغطت تماما على اسم مبدعهما.. الرواية الأولى «رماد وماس» نقلها المخرج البولندى الكبير أندريه فايدا إلى شاشة السينما فى مطلع ثمانينيات القرن الماضى، والثانية هى «أبواب الجنة» التى كسبت شهرتها فى أوروبا من حقيقة أن كاتبها انتهك بقوة أهم محظورات تاريخ القارة العجوز.. أى الحروب الصليبية، وكيف كانت حالة جموع «البسطاء» الذين حُشودوا وحُشروا حشرًا فى أتونها تحت شعارات دينية خادعة بقدر ما هى كاذبة.

تدور أحداث «أبواب الجنة» فى فرنسا عند نهاية الحروب الصليبية، وبعدما بدا واضحا أن حملات الغزو المتتابعة فشلت ولم تنجح فى الاستيلاء النهائى على القدس واغتصابها من أهلها، ومن ثم بدأت الأمم الأوروبية (حكومات وكنيسة) تفقد حماسها وتصرف النظر عن التجييش للقيام بحملات جديدة، هنا يظهر قسٌّ شاب يدعى جاك دى كلويس ويبدأ فى تجهيز «حملة خاصة» به عن طريق الخطابة فى بسطاء الشباب وإلهاب مشاعرهم بشعارات وكلام معسول عن المجد والشرف وضرورة سحق العدو (العرب أصحاب الأرض) باسم المسيح، وبالفعل يتمكن كلويس من أن يستقطب لدعوته أعدادا كبيرة من المتطوعين البؤساء أغلبهم من الفتية والشبان الصغار، وهو لا يضيع وقتا كبيرا قبل أن ينطلق مفعما بالحماس (وقد تسربل بمسوح رسولية) متقدما جموع أتباعه المسحورين فى مسيرة صاخبة نحو الشرق حيث بيت المقدس ومهد السيد المسيح.

وبينما حال تلك الجموع على هذا النحو، فإن الرواية تُظهر لنا راهبا عجوزا يمشى بين السائرين يلفت نظره ويثير استغرابه بعض الإشارات غير المريحة التى تصدر عن هذا الجمع الذى يفترض أنه مدفوع بالإيمان والتقوى وحب الدين، ويبدأ فى سؤال بعض الشباب واستدراجهم للبوح بأسباب وجودهم فى هذه الحملة، فإذا به يُصعَق من أن كل العينة التى اعترفت بين يديه لم تنخرط فى الحملة بدافع التدين ولا حب المسيح والرغبة فى تحرير القدس من الكفار، وإنما لكل واحد منهم أسباب أخرى.. فهذا مثلا، شاب بدا شديد الحماس للحملة لكنه صارح الراهب بأنه سار مع السائرين لأن فيهم الفتاة المغرم بها، والفتاة كذلك فعلت الشىء نفسه.

وهكذا، يكتشف الرجل الورِع من الاعترافات التى سمعها أن الغالبية الساحقة من هذا الجمع لم يحركها أى أسباب دينية بل كلها أسباب دنيوية بحتة، لكن المفاجأة الكبرى التى تنزل كالصاعقة على رأس الراهب أن صاحب الدعوة نفسه القس جاك دى كلويس لم يكن الدين هو دافعه الأصلى والأساسى بل حب الزعامة والرئاسة.. حسب ما اعترف هو!

إذن تحت ضغط هذه الحقائق، يثور الراهب العجوز وينتفض غاضبا ويحاول إيقاف الحملة، لكن هيهات، فالجموع المندفعة لا تحفل بصرخاته بل تمشى فى طريقها وتدوسه، ويسمع وهو فى قمة الألم والغضب القس الشاب يخطب فى أتباعه خطابا دينيا ملتهبا يتناقض بالمرة مع الاعتراف الذى أسرّ به له شخصيا قبل قليل.. بعد ذلك تواصل الحملة طريقها حتى تصل إلى معمعة القتال فى أرض غريبة عن المنخرطين فيها وهم غرباء عنها، ويبدأ تساقط هؤلاء بين قتيل وجريح بينما هم أمام بعضهم بعضا فقط، مقتنعون بكذبة أنهم يضحّون ويقتَلون ويبذلون الدماء أو يسفكون دماء الآخرين باسم الدين ولأجله!

التعليقات