تعودنا على الفضائح..
فهى تجليات الخلل الكبير فى أن هناك «كيانًا كبيرًا مات ويتحلَّل أمام أعيننا..» ويريد الاستمرار.. هذه فضائح كبيرة فى تاريخ المجتمعات.. التى تسعى إلى تجاوز انحطاطها.. وفى هذه الرحلة إما أن تسقط للأبد فى المستنقعات وتصبح مثل حدائق حيوانات مفتوحة أو تعبر النفق المرعب..
نحن فى هذه اللحظة.. محشورون فى الانحطاط.. وأسرى لما يمكن أن نسميه بلاهة متوحشة.. بلاهة.. وكل مَن سيراها أو يسمع عنها سيضعها فى خانة «الأعمال البلهاء..» حتى أصحابها إن كانوا يحتفظون بذرة من عقل أو من أجهزة نفسية عملت لفترة فى أجواء طبيعية..
وهذا غالبًا ما حدث للدكتورة ميرفت التلاوى رئيسة المجلس القومى للمرأة، التى استيقظت على ما فعلته مسجلًا بالصوت والصورة.. لكنها أنكرت ونفت أنها فعلت ذلك..؟ مَن فعلها إذن.. مَن الذى ألقى خطبة عصماء على طريقة مسارح يوسف وهبى الذى كان عظيمًا فى وقته، لكنه الآن «خارج الزمن..».. كيف يمكن استقبال نهاية الخطبة التى فخرت فيها الدكتورة بكل شىء فى مصر من الجهل إلى الرئيس الجديد، لتنتهى بطرد مندوبة الاتحاد الأوروبى ليس من المسرح فقط.. ولكن من «الشرق الأوسط كله..».
إنه خيال مسرحى تمامًا.. لم تعرف به الدكتورة ميرفت.. لكنه من أعراض اللحظة المسرحية التى سيطرت على كاتب مسرحى أصلًا، مثل علِى سالم الذى أخذته الحالة إلى جلالة من نوع قاتل.. فيكتب مقترحًا تشكيل فرق بوليس سريّة تقتل المعارضين خارج القانون دفاعًا عن «شرف البوليس..».. وهو ما لا يمكن تصوّر أنها مجرد نزعة استعراضية فى إحداث صدمات.. فما يقترح على سالم الذى بنى سمعته الأدبية على كتابة مسرحيات ضد السلطة (بكالوريوس فى حكم الشعوب) أو تتمرّد على أبوية السلطة (مدرسة المشاغبين) وعندما ضاقت خشبات المسرح عليه قرر أن يحول الدنيا إلى مسرحه الكبير وتمرَّد على «مقدسات سياسية» وسافر إلى إسرائيل.. بمعنى ما علِى سالم قدَّم نفسه على أنه المنبوذ أو الصادم للثقافة السائدة كيف عاد من هذه البوابة المتوحشة؟ هل قرأ الأستاذ علِى ما كتبه أم أنه صدم مثل ما حدث مع الدكتورة ميرفت عندما أفاقت على عرضها المسرحى..؟ ماذا فعل بنفسه؟ ليس مهمًّا.. المهم كيف سنكمل الحياة فى تلك اللحظة التى يتفوَّق فيه العبث.. بل البلاهة المتوحشة التى تريد أن تحارب الأشباح بأسياخ حديدية أكلها الصدأ.. كيف سنكمل..؟ كيف ستتحرَّك مصر خطوتها القادمة فى ظل سيطرة الرغبة المتوحشة فى قتل كل محاولات إنقاذنا من النفق الذى حشرنا فيه مع مومياوات يريدون أن يكون مستقبلنا فى يد جثة متحللة؟ هل يعجبكم نموذج كوريا الشمالية؟ هل تقدرون على إغلاق الباب لنعيش بعيدًا عن العالم فى بحيرة البلاهة المتوحشة؟.. لماذا إذن تفتحون بابًا سفليًّا مع العالم من خلال الخليج..؟
يعرف القريب من العمل الدبلوماسى أنه عندما تريد دول أوروبا التواصل مع الحكم الجديد فإنها تفعل ذلك عبر الخليج.. وبالتحديد الإمارات والسعودية.. لماذا؟ هل تريدون إغلاق الباب أم فتحه؟ هل تريدون أن نموت بانحطاطنا أم تجعلونا فُرجة العالم..؟ وبالطبع المسؤول الذى سرَّب إلى الصحافة مشروع سمّته جريدة (الوطن) «القبضة الإلكترونية»، لم يفكّر فى كل هذا الوضع؟ لم يتخيَّل أن عقله لم يعد قادرًا على استيعاب تغيرات تجعل منه مثل راكب الحمار عندما رأى السيارة فقرر أن يركِّب لحماره أربعة أبواب. قبضة؟ وإلكترونية؟ ومَن سيفعلها؟ هل تريدون دفع ملايين للوصول إلى لا شىء..؟ هل لديكم هدف من هذه الترهات إلا «خنق» الناس أو الإعلان عن وجودكم فى زمن لم يعد لكم وتريدون احتلاله بجثتكم المتحللة؟ وفى نهاية هذا المقال الذى يبدو بلا نهاية.. سأترككم مع تعليقات من أصدقائى على الفيسبوك.. والتى عادة ما تفتح زوايا جديدة فى النقاشات.. وهذه المرة صديقتى سلمى الطرزى المخرجة السينمائية، كتبت عن حيرتها فى موضوع القبضة... «... أنا بس مش محيَّرنى فى موضوع تصريح الداخلية عن المراقبة وتبريرها أن أمريكا بتعمل كده إلا حاجة واحدة بس، هى أمريكا دى العدو اللى النشطاء بياخدوا منها تمويل عشان يخربوا البلد ولّا المثل الأعلى، نرجو من الدولة شوية اتّساق فى تطبيق الفاشية..»
فكَّروا قليلًا لن تخسروا شيئًا.