لن نتقدم خطوة لو لم نتصارح بأن الإسلام السياسى هو خطر رهيب على الإسلام نفسه ثم على المسلمين.
لا يجب فى مجتمع يريد لنفسه النهوض من عثرته أن يسمح لتيار ظلوم جهول بأن يغسل عقول الناس بالتضليل ويحول الإسلام إلى سلعة وأداة نصب على المواطنين. انتهت خرافة أن أحزاب وجماعات الإسلام السياسى لا علاقة لها بالتكفير أو بالإرهاب بل هى المقدمة الطبيعية لأى تكفير وإرهاب، بل مجرد وجودها وإعلانها عن نفسها بهذه المسميات هو تكفير للآخرين وإرهاب لغيرها، هل معنى ذلك أننا نحكم على هذا التيار بالموت.. وهل تموت فكرة؟
أولا: أنا لا أحكم على أحد، أنا أحكم على واقع ثبت أن الخدعة التى عشنا فيها كل هذه السنين قد انكشفت تماما.
ثانيا: نعم لا تموت الفكرة طبعا حتى لو كانت فكرة متخلفة أو وضيعة أو نبيلة، لكن من الممكن جدا أن تموت التيارات المنظمة والجماعات التنظيمية لها، بالمناسبة ماتت جماعة المعتزلة، لكن بقى فكرها، لكن قُلْ: هل هناك جماعة المعتزلة مثلا فى أى بلد عربى لها أحزاب ومكاتب إدارية؟ لم يمت التشيع لأنه تحول إلى تنظيم، ولم يبقَ مجرد مشاعر بل صنع له فقهًا ومذهبا وأئمة، لكن ماتت جماعة الحشاشين وتنظيمها تماما، وبقيت فكرتها الدموية.
الإسلام دين فى قلب كل فكرة حضارية وفى صياغة كل مشروع سياسى يبنى دولة أو مجتمعا، ولا يمكن أن يحتكره فصيل أو تنظيم حين ينسب إلى نفسه الإسلام، ومن ثم يسحبه عن غيره، هذا تكفير بالضرورة وهذا نصب بالفعل.
إذن هل أنفى عن هذا التيار وجود مفكرين فيه؟
لا أنفى ولا يحزنون، لكن أقول إنهم لا يتميزون عن أى مفكر لا يقول عن نفسه إنه تيار إسلامى. كلنا أبناء الثقافة الإسلامية الإنسانية، وكلنا نأخذ منها وعنها، وننهل من مشاربها ومنابعها، فكيف يحتكر واحد لنفسه أنه كاتب إسلامى أو مفكر إسلامى، هل لأنه ابن لتنظيم أو جماعة حلف قسمها؟ هل لأنه متخصص فى الكتابة عن الشأن الإسلامى؟ إذن مصطفى محمود ورفعت السعيد كاتبان إسلاميان بالقطع.. أليس كذلك؟!
هل المفكر الإسلامى هو الذى يدافع عن قيم الإسلام، خسئتم جميعا بل كلنا ندافع عنها ونسعى لإعمار الأرض بالقيم الإسلامية الإنسانية (هل رفيق حبيب مفكر إسلامى وهو المسيحى المصرى لأنه يؤيد الجماعة الخائنة؟).
إنهم يريدون احتكار الإسلام حين يقولون عن أنفسهم تيارا إسلاميا أو مفكرين إسلاميين، وكل من يدّعى لنفسه أنه إسلامى يعنى أنه يَصِم غيره بأنه مش إسلامى، هذا كله لا بد أن ينتهى ويجب التوقف فورا عن الخضوع لهذا الابتزاز الرهيب الذى عشناه سنين طويلة.
مافيش حاجة اسمها حزب إسلامى ولا تيار إسلامى ولا مفكر أو كاتب إسلامى.
كلنا كذلك فلا واحد فينا من حقه أن يضعها بطاقة على صدره أو كارنيهًا لغسيل عقل الناس.. يا ريت تعقلوا بقى!