وصلنا على موقعنا الإلكترونى عبر الإنترنت سؤال من الأستاذ/عمرو خالد يقول فيه: ما سند حد الرجم للزانى والزانية فى الإسلام شرعًا، ومن له حق تطبيق هذا الحد؟ نشكر الأستاذ صاحب السؤال وللإجابة عليه نقول:بداية بتوفيق من الله وإرشاده وسعيا للحق ورضوانه وطلبًا للدعم من رسله وأحبائه، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد بن عبد الله، أيضا نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لا نفرق بين أحد منهم، أما بعد..
فعقوبة الزانى والزانية فى الإسلام قد وردت على سبيل الحصر والدلالة القطعية فى القرآن الكريم فى قوله تعالى فى سورة النور آية 2: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)، ولا يطبق حد الجلد إلا بعد ثبوت الزنى بأربعة شهود عدول، شهادة واضحة قاطعة على أنهم رأوا بالعين كالقلم فى المحبرة والعود فى المكحلة، وإلا تكون شهادة زور، فيُقام الحد على الشهود، كما فعل الخليفة عمر، وهو ما ورد فى كتاب السنن الكبرى ورواه على بن زيد، عن عبدالرحمن بن أبى بكرة: أن أبا بكرة، وزيادا، ونافعا، وشبل بن معبد، كانوا فى غرفة، والمغيرة فى أسفل الدار فهبت ريح ففتحت الباب، ورفعت الستر، فإذا المغيرة بين رجليها فقال: بعضهم لبعض قد ابتلينا. فذكر القصة، قال: فشهد أبو بكرة، ونافع، وشبل، وقال زياد: لا أدرى نكحها أم لا. فجلدهم عمر إلا زيادا. فقال أبو بكرة: أليس قد جلدتمونى؟ قال: بلى. قال: فأنا أشهد بالله لقد فعل. فأراد عمر أن يجلده ثانية فقال على: إن كانت شهادة أبى بكرة شهادة رجلين فارجم صاحبك، وإلا فقد جلدتموه، يعنى لا يجلد ثانيا بإعادته القذف. وفى رواية أخرى أن عمر سأل الشهود هل رأيتم بالعين كالقلم فى المحبرة والعود فى المكحلة؟ مما يعنى استحالة الشهادة. ولا توجد آيات أخرى بالقرآن تتحدث عن رجم الزانى أو الزانية، إلا أن المتشددين عاشقى الدم سَعَوا على مر التاريخ الإسلامى لإثبات أن آية الرجم كانت موجودة للمحصن والمحصنة، أى المتزوجين، إلا أن الله نسخها بهذه الآية، ولأنهم يرغبون فى إيقاع حد الرجم الدموى لإشباع رغباتهم العنيفة.
فيا دعاة الدم: الله برىء منكم ومن اختراع شريعة لا تتفق مع المنطق والعقل والتصرف الربانى مع خلقه، وَاخْشَوْا يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.
الشيخ د. مصطفى راشد عالم أزهرى وأستاذ للشريعة الإسلامية وسفير السلام العالمى للأمم المتحدة.