لا البلد فيها أى نوع من الانقسام ولا هى تحتاج إلى من يعيد وحدتها ولا يحزنون، البلد موحدة أصلاً ومتوحدة جدًّا.
قرفونا بالكلام عن الاختلافات التى تطحن البلد والناس المنقسمة والمختلفة مع بعض، والشعب الذى يعانى من الصراع والانقسام، والشباب المحبط المقموص، هذا كله كلام فارغ وتافه وكاذب.
البلد تشهد إجماعًا لم تشهده من عصر جمال عبد الناصر. كل اللغو الفارغ عن وجود انقسام فى البلد إنما يردده ببغاوات وراء عصابة الإخوان وأفاقيها أو وراء مجموعة مدعية لنفسها التعبير عن البلد والشباب والثورة فى مواسير التواصل الاجتماعى.
الحقيقة على الأرض، الحقيقة تخزق العين، الانقسام وهم كبير نسفته انتخابات الرئاسة، فهى تكشف بما لا يترك فرصة خرم إبرة للفلفصة والتفعيص النظرى، أن مصر بنسبة أربعة وتسعين فى المئة عند قرار واحد، واختيار موحد، وموقف واضح، واتفاق كامل، وهناك نسبة ستة فى المئة لها موقف مختلف.
طبعًا ليس بالضرورة أن الإجماع على حق أو صح، لكن هذا لا ينفى وجوده. ثم إن الاختلاف السياسى مشروع بل وواجب، ورغم نسبته الضحلة فى التصويت فإن هذا لا يعنى أنه على باطل، وقد تثبت الأيام صحته، لكن المؤكد هنا أن مصر فى حالة اصطفاف (كلمة اصطفاف كانت لبانة فى أفواه مطبِّلى الإخوان، وأبو الفتوح وأطفال اليسار، لكنها بقت كخة ووحشة عندما تحققت مع السيسى).
يملك رئيس الجمهورية الذى جاء بفارق أكثر من تسعين فى المئة إجماعًا هائلاً واصطفافًا وطنيًّا (لكن طبعًا هناك ناس عيانة جرت وراء مرسى رئيس الواحد فى المئة ليطالبوه بالإجماع والاصطفاف.. وتبكى دمًا الآن على فوز السيسى.. ربنا يشفى!).
هذا الإجماع يضع مسؤولية جبارة على السيسى، وتلاحقه توقعات عظيمة قد تتحول إلى إحباطات عظيمة، خصوصًا أن المصريين على قدر إجماعهم وحبهم لن يتحملوا خذلانًا ولن يطيقوا صبرًا ولن ينتظروا كثيرًا، لهذا يبدو ضروريًّا من السيسى أن يبنى فورًا جسور الثقة مع الشعب بقرارات وإنجازات سريعة، لن تكون كبيرة طبعًا لكن لا بد أن تكون حقيقية، تؤكد أننا على الطريق.
السيسى رئيس لديه إجماع الشعب واصطفاف البلد، والامتحان الحقيقى هو: هل سيستمر هذا الإجماع طويلاً؟ هل يصمد مع المشكلات والأزمات؟ هل يقوى مع الحلول والإنجازات؟