وبدأت مرحلة جديدة، فأصبح للدولة رئيس منتخب، وذلك بعد أن تم وضع دستور يليق بالشعب المصرى، الذى تخلص من حاكمين مستبدين، وفى القادم انتخابات للبرلمان، وبذلك تتشكل أسس الدولة المدنية.
لكن تظل التحديات التى تواجه الدولة ورئيسها..
هناك تحديات اقتصادية بعد إرث نظام الاستبداد والفساد، الذى كانت تستولى فيه عصابة على مقدرات البلاد وتنشر الفساد، فكان اقتصاد البلاد فى خدمة حفنة من رجال الأعمال المرتبطين بالسلطة، وهو الأمر نفسه الذى فعله محمد مرسى وجماعته.
فاستمروا على نهج الحزب الوطنى فى السيطرة على الحالة الاقتصادية، ودفعوا برجال أعمالهم والمرتبطين بهم فى إدارة الشأن الاقتصادى، فاستبدلوا أحمد عز «على سبيل المثال» بحسن مالك، وبالطبع كانت محاولات ربط رجال أعمال الوطنى بالإخوان عن طريق الوعود البراقة أحيانا، والتهديد أحيانا أخرى، وهناك من استجاب، حفاظا على مصالحهم.
الآن انتهى ذلك الزمن، وذلك الفساد، ونحن فى حاجة إلى رؤية وطنية لإدارة الشأن الاقتصادى، خصوصا فى ظل المشروعات الكبرى، التى كان قد أعلن عنها المشير عبد الفتاح السيسى فى أثناء حملته الانتخابية.
ولن يتم ذلك إلا بالشفافية..
أيضا من التحديات التى لها ارتباط وثيق بالشأن الاقتصادى، الحالة الأمنية، فلا يمكن أن يكون هناك استقرار اقتصادى فى ظل الانفلات الأمنى، فآن الأوان لاستعادة الأمن فى الشارع، وآن الأوان لجمع السلاح من المواطنين، وآن الأوان للسيطرة على الأمن الجنائى، وبذلك يمكن أن يحدث استقرار أمنى، ويحدث جذب للاستثمار، واستعادة السياحة، وما أدراك ما السياحة.. التى وصلت إلى ما قبل الثورة فى إيراداتها إلى ١٢ مليار دولار، ونحن الآن أحوج إلى كل دولار.
ومن أجل هذا أيضا لا بد من استعادة علاقاتنا بالخارج، وقد فشلنا خلال المرحلة الماضية فى شرح الموقف المصرى والشعبى مما يجرى على الساحة، فى حين نجحت جماعة الإخوان والمرتبطون بها فى التأثير على الخارج.
لكن الموقف بدأ فى التغير، ومن هنا لا بد من استعادة الخارج.
ولعل التحدى الأكبر فى تلك المرحلة، هو حالة شبه الفراغ السياسى، وضعف الأحزاب والقوى السياسية، وقد بدا واضحا فشل تلك القوى فى الحشد لانتخابات الرئاسة، فعلى الرغم من إعلان عدد كبير من الأحزاب والقوى السياسية دعمها المشير عبد الفتاح السيسى فإنها لم تستطع الحشد فى الانتخابات، بما فى ذلك حزب النور، الذى كشف عن نفسه بالدعاية «الكاذبة»، كما كان موقفه فى الاستفتاء على الدستور.
ومع هذا تحاول تلك الأحزاب جرنا إلى «خناقة جانبية» فى قانون مجلس النواب الجديد، حول نسب الفردى والقائمة فى القانون، فعلى أى شىء تطرح تلك الأحزاب «صراعا وهميا» وليس لديها جمهور.
وقد كانت أمامها فرصة عظيمة خلال انتخابات الرئاسة للوجود وسط الناس، لكنها، كعادتها، فشلت تماما.
فعلا نحن أمام تحديات.
نحن فى حاجة إلى توافق بين الجميع من أجل تخطى تلك التحديات، والانتقال بشكل حقيقى إلى مرحلة جديدة مختلفة يستحقها الشعب المصرى فى تحقيق ديمقراطيته وحريته، والكرامة والعدالة الاجتماعية، التى من أجلها خرج الشعب فى ثورتين وأدخل رئيسين السجن.