قالت لى زوجتى منذ عامين إنها قررت عمل مدوَّنة لها على النت. سعدتُ بقرارها ثم عرضتُ عليها الكتابة فى جريدتنا «التحرير» فرفضت بإباء وشَمَم، وقالت إن المدونة لن تحمل اسمها، لأنها تعرف مدى التربص والترصد، وهى تفضل أن تكتب بحرية دون محاذير استخدام كلامها ضدها وضد زوجها. لكننى اليوم استأذنتها أن أنشر ما كتبتْه منذ يومين فى مدونتها عن تصويتها فى الانتخابات، فهو عندى أهم تحليل للانتخابات، وهذا نص ما كتبتْه زوجتى:
«مشهد الستات وهى واقفة فى الطوابير أمام اللجان الانتخابية فى عز الحر للإدلاء بأصواتهن والمشاركة فى (الحياة السياسية) كان بالنسبة إلىَّ شخصيًّا مشهدًا مؤثرًا جدًّا. لسنوات طويلة اشتغلتُ مع منظمات حقوقية مهتمة بحقوق المرأة وفى مشروعات تنموية كان الهدف منها (تعزيز المشاركة السياسية للمرأة)، كان أحد أهم الأنشطة فى المشروعات دى بشكل عام (مساعدة النساء فى استخراج البطاقات الانتخابية) علشان يشاركوا فى الانتخابات. ناس كتييير ومنظمات كتيير والمجلس القومى للمرأة اشتغلوا على الموضوع ده تحديدًا. كنا نقعد نهاتى مع الستات فى الصعيد وبحرى ومناطق القاهرة العشوائية فى تدريبات ومطبوعات وندوات توعية عن أهمية المشاركة وضرورة ترشيد السلوك الانتخابى... وحاجااااات كتيرة قوى... لكن للأسف الشديد وأنا مسؤولة عن تقييمى ده، كان كل هذا الجهد بلا أثر حقيقى ولا كأن حاجة حصلت... لم ننجح فى إقناع الستات بالمشاركة إيمانًا بالمشاركة فى حد ذاتها... كنا بنفشل ونسقط فى الامتحان كل مرة أمام عدم الاهتمام التام، أو أمام اللحمة والزيت والسكر والأوتوبيسات والعمدة اللى بيلم البطايق من الستات قبل الانتخابات لزوم التصويت لمرشح الحزب... اختفت الجهات اللى كانت بتحشد الستات دون رغبة أو وعى، والمفاجأة أن الستات نزلت، نزلت لوحدها كده من غير زيت وسكر وحشد، وقفت فى الطوابير بمنتهى الصبر، ومعهن عيالهن فى الطابور علشان يتعلموا أهمية الانتخابات. بس لما الستات نزلت الحقيقة تعالى عليهم النشطاء والمثقفون... سخروا من البهجة اللى خلقها وجود الستات فى الطوابير... ستات بترقص فى الشارع... إيه يعنى... يوم يا سيدى... بيتمردوا فيه على الحبسة والتحرش والكبت وإعالة الزوج والعيال والشقا...
لجنتى الانتخابية فى مدرسة الإيمان للتعليم الأساسى فى التعاون - الهرم، الطابور كان طويلًا جدًّا صباح يوم الإثنين (أول يوم للتصويت)، شمس وحر والناس واقفة، أمهات شايلة أطفال، ستات كبار، شابات فى العشرينيات بالحجاب التقليدى للبنات بيوزعوا حلويات، وشباب من اللى بيشتغل على التكاتك مش من بتاع الفيسبوك بيوزعوا مياه على الناس. زغاريد ودعوات للبلد علشان حالها ينصلح من أمهات مهتمات اهتمامًا حقيقيًّا... فى الطابور عرفت إن كتير من الستات دول صوَّتوا لمرسى قبل كده... النهارده هيصوَّتوا للسيسى وبعض الشابات لحمدين... سنوات وسنوات من الندوات البايخة عن ترشيد السلوك الانتخابى ومعاقبة المرشح اللى خذل الناخبين بعدم التصويت له أو لحزبه مرة أخرى لم تنجح فى تحقيق هذه النتائج المبهرة فى تغيير الوجهة. بغضّ النظر عن الاختيار وصحته... كان فيه اختيار حر... والستات عارفة إن فى انتخابات تانية جاية وهنتحاسب... البهجة فى الانتخابات صنعتها الستات يا أعداء البهجة!!».
شكرًا زوجتى العزيزة..