تحية واجبة للمستشار عدلى منصور الذى تصدى للمنصب الرئاسى بشكل مؤقت فى ظل ظروف صعبة.
.. لم يطمع الرجل فى المنصب، وظل زاهدا مفضلا تسيير أمور البلاد فى تلك الفترة الصعبة التى حاول فيها الإخوان بعد عزلهم وفضحهم بإرهابهم تعطيل حركة الحياة فى البلاد بكل ما يملكون من كذب وإرهاب.
.. لم يطمع الرجل فى المنصب بأن يستمر فيه رغم دعوات الكثيرين بالدفع به لكى يستمر باعتباره حلا توافقيا، وذلك فى وقت مبكر لم يكن هناك مرشح حقيقى للرئاسة.
.. وفضَّل الرجل أن يمنح السلطات كافة للحكومة فى إدارة البلاد فى تلك المرحلة وأن لا يتدخل إلا عند الاختلاف أو فى إجراء حوار مجتمعى مع أطياف الوطن للوصول إلى بر الأمان.
كما أن الرجل لم تفسده حالة القصر الرئاسى وظل على ما هو عليه وسيخرج منه كما دخله.
.. والقصر مفسدة كما تعلمون.
.. فقد جعل مبارك فاسدا بسبب رجال القصر والملتحقين به والمستفيدين منه.
.. هكذا ظهر الأمر بعد أن تم خلع مبارك.. وقد رأينا كم الفساد الذى كان عليه.
.. فضلا عن موظفى القصر الكبار الذين عاشوا فسادا وإفسادا.
.. وما إن دخل محمد مرسى القصر -الذى كان يقدم نفسه قبلها بأنه ورع زاهد- حتى ظهرت عليه أعراض الفساد ومن معه من رجاله الذين جرى انتدابهم من مكتب إرشاد جماعة الإخوان، فاستغل مرسى القصر وحراسته ومواكبه فى وقت لم يكن فى حاجة إليها.. لكنه استسلم لفساد القصر الرئاسى.
لم يفعل المستشار عدلى منصور ذلك وظل على زهده كأنه ما زال فى منصبه قاضيا.
.. التحية الأخرى لحمدين صباحى الذى تصدى للترشح أمام المشير عبد الفتاح السيسى رغم أن الجميع يعلم شعبيته وأنه اعتمد فى خطابه إلى الشعب على أنه مستدعًى منهم وأنه لم يكن يريد النجاح فقط وإنما أراد تفويضا شعبيا فى إدارة البلاد خلال المرحلة القادمة.
.. وتحمل حمدين الكثير من الذين يحاولون تقديم أنفسهم على أنهم مَن يروجون للنظام الجديد -رغم أنهم يروجون لأنفسهم- وأصر على أن يستمر فى الانتخابات.
ومنح صباحى الانتخابات الشكل الديمقراطى حتى وإن جاءت النتائج كأنها استفتاء.
.. ولقد حاول البعض تجريحه واتهامه بأنه يتعاون ويتحالف مع الإخوان وأنهم سيصوتون له.. وكان ذلك فى الإعلام «الموجه» الذى أثبتت فشله الانتخابات وأنه لا يتمتع بمصداقية وأنه ليس له علاقة بأى معلومات ناهيك بجهله وفقر تحليله.
.. ولعل هذا الإعلام قد أربك الانتخابات منذ ساعاتها الأولى بعدم إدراكه طبيعة العملية الانتخابية وأقام مناحة كبيرة دلت على الفشل العظيم.
.. كما أن حمدين صباحى أصر على الاستمرار فى الانتخابات رغم ضغوط أعضاء حملته من الشباب لأنه أقدم على عمل فوجب عليه أن يكمله.
كما أظهر حرصه على الدولة.. واستعادة كيانها وليس العمل على الهدم.
لقد تعرض صباحى لضغوط شديدة استسلم لبعضها كقرار ترشحه ورفض بعضها الآخر كقرار انسحابه.. إنه رجل سياسة يفهم جيدا فى أمور الدولة والعمل العام ودوره الوطنى.
لقد أصبحنا الآن أمام مرحلة جديدة.. أعاننا الله عليها.