الصمت الانتخابى: هو اللحظة الوحيدة التى يتبادل فيها رئيس الجمهورية المحتمل موقعه مع الناخب، هى اللحظة الوحيدة التى يكفل فيها القانون للناخب أن يقول للرئيس المحتمل: اخرس خالص، وهى لحظة قصيرة العمر يدفع الناخب ثمنها بعد ذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد.
وهو يختلف عن (الصمت الزوجى)، وهو نوعان، نوع فرضه التفاهم العميق الذى لم يعد معه للكلام (لازمة)، ونوع فرضه الغياب التام للتفاهم، الغياب الذى لم يعد للكلام معه (لازمة) برضه، وصحيح أنه حسب قول سيدنا النبى (مَن صمت نجا)، لكن الصمت فى الزواج ليس دائمًا طوق النجاة، فكما يقول الخواجة إن زوجتك ستعاقبك على كلام قلته بالقوة نفسها التى ستعاقبك بها على كلام (ماقلتوش).
عمومًا (إذا تم العقل نقص الكلام) كما يقول سيدنا علِى، ففى هذه الحالة يصبح الكلام أقل قدرة عن التعبير عما تراه، إذا كنت محظوظًا فسيؤتيك الله الحكمة لتعبّر عما استقر فى عقلك، ولكن المفارقة أن الحكمة ستقودك من جديد إلى الصمت، وستعرف أن (الصمت هو أول العبادة وأول التواضع وأول ذكر الله) كما يقول أنس بن مالك، أو كما قال وهب بن الورد أن (تسعة أعشار الحكمة صمت والعشر الباقى فى العزلة)، ستجعلك الحكمة تختاره.
لكن هناك صمتًا إجباريًّا، (صمت التوبيخ): وهو أن لا تمتلك دفاعًا عن نفسك لأنك لم تترك ثغرة يمكنك أن تهرب منها إلى حكم البراءة، وهو صمت لا يمكن كسره إلا بـ(الاعتذار)، لكن احذر أن يكون اعتذارك جريمة جديدة أو كما يقول كيمبرلى جونسون: «لا تفسد الاعتذار بالتبرير»، أو كما يقول جى كيه شسترتون: «الاعتذار البارد يعتبر إهانة ثانية»، هذا صمت نفسى، لكنه هناك صمت تشريحى وهو (صمت ما بعد طبيخ الأم): وهو أن تأكل بشراهة وشهيّة منقطعة التفكير، تمتلئ المعدة وتنتفخ، يضغط الانتفاخ على الحجاب الحاجز، يتقوّس الحجاب الحاجز بما يكفى لدفع البلعوم إلى أعلى قليلًا، أعلى البلعوم يوجد لسان المزمار المسؤول عن إصدار الأصوات، يؤدّى الدفع المتتالى إلى تقدّم لسان المزمار باتجاه اللغاليغ، حيث يلتصق بها تمامًا، تصبح منطقة الصوتيات كتلة واحدة ملتحمة لا يمكن أن يصدر عنها أى أصوات، المحظوظ فقط من يستطيع أن يفك هذا الالتحام بـ(تكريعة) تسعده، وهناك مَن يطلب الشاى عشان (يحبس)، هو هنا يحبس المعدة التى تمدَّدت فأفسدت كل شىء.
هناك (صمت الشياطين) وهو صمت الساكت عن الحق، وهناك (صمت الغباء) وهو يحدث نتيجة حوار مع شخص غبى يرفع درجة حرارة أسلاك المخ فتحترق الشريحة المسؤولة عن ترتيب الحروف لعمل جملة مفيدة، أحيانًا لا يمكنك استبدال الشريحة فانتقِ جيدًا من تحاوره، وهناك (صمت النكتة)، فحسب قانون النكتة لا بد من الصمت حتى تعرف (آخرها)، لكنك فى النهاية تعرف جيدًا أنها مجرد (نكتة).. راجع الصمت الانتخابى.