لماذا يريد المصريون السيسى؟! ولماذا يتشنّج البعض من السيسى؟! دعونا نطرح السؤالين، ونجيب عنهما بكل صراحة، ودون تزويق أو طبطبة.. المصريون يريدون السيسى، لأنهم يرون فيه الزعيم، الذى حلموا به، وافتقدوه طويلا.. الزعيم الذى يثقون فيه، وفى وعوده، وفى إخلاصه لهذا الوطن.. الزعيم الذى وضع رأسه على كفه، واتخذ قرارا صعبا بالغ الخطورة، فقط لأنه شعر أن الوطن مقبل على كارثة، لا فكاك منها، ولا وسيلة لتجنّبها، إلا بشن حرب على أولئك الذين أرادوا طمس هوية هذا البلد.. الزعيم الذى استجاب لإرادة شعب، وأدّى الواجب الذى يفرضه عليه واجبه ومنصبه وشرفه العسكرى.. المصريون وثقوا بأنه رجل صادق مخلص، فمنحوه ثقتهم وحبّهم.. وأرادوه.. واختاروه.. لم يختاروه لأنهم عبدَة بيادة، ولا عبيد لا يريدون التحرّر، ولا كل تلك الإهانات وغيرها، التى يوجّهها إليهم فصيل من الشباب، امتطى أعداء الوطن أفكارهم، ووضعوا اللجام على عقولهم، فتصوّروا أنهم وحدهم يعرفون صالح هذا الوطن، وأن البذاءة والعنف والتشنّج والانفعال البعيد عن العقل، هى السبيل لرفعة هذا الوطن.. شباب كلهم ديكتاتورية، ورفض للنظام والاستقرار، استمرؤوا الرفض، ورأوا فيه كيانهم وقيمتهم، فتبنوا مبدأ «خالف تعرف»، وتمرّد المراهقون على كل ما يتفق عليه الناس، باعتبار أن الناس جهلاء ومتخلفون، وهم وحدهم، بكل ديكتاتوريتهم أصحاب العقل والحكمة والمعرفة!!
الجماعات التى أرادت طمس هوية هذا الوطن لعبت بعقولهم، مستخدمة نظرية جين شارب لهدم الدول، ووضعت لهم بعض القواعد، التى تصوّروا أنها دستور الحياة، وأنهم هم أحفاد روبين هود، ونسل الزناتى خليفة، وورثة عنترة بن شداد، وكل من سواهم مجرّد هباء منثور.. حتى الكتّاب والمفكرون وأصحاب الرأى، رأوهم مجرّد شيوخ فاتهم موعد الدفن، باعتبار أنهم هم الأعلم بالزمن، الذى ولدوا بعده بربع القرن، أما من عاشوه يوما بيوم فهم لا يعلمون عنه شيئا!!
أحد أصدقائى القدامى، الذى يعمل منذ سنوات فى دولة عربية، أخبرنى أنه كان يغادر مبنى السفارة المصرية، بعد أن أدلى بصوته، ومرّ بالطوابير التى تنتظر للإدلاء بصوتها، فهتف يطالبهم بانتخاب السيسى، فرد عليه أحدهم «وانت فاكرنا واقفين فى الحر ده، إلا عشان السيسى».. الناس احتملت الحر لأنها أحبت زعيما صنعته الأحداث، ولأنها وثقت بأنه قادر على استعادة هذا الوطن، وهذه تلقائية كثيرا ما حلمنا بها.. أن يأتى الزعيم.. النواة التى تبدأ حولها دورة مستقبل جديد.. الزعيم الذى يمنحه الناس ثقتهم، فيحتملون ويصبرون ويعملون، فينهض باحتمالهم وصبرهم وعملهم الوطن، ويبنى مستقبله، وينهض من كبوة لازمته لعقود، بسبب افتقاره إلى زعيم يثق به.
أما عن المتشنجين، فلهذا حديث آخر..