ايجى ميديا

الجمعة , 26 أبريل 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

إبراهيم عيسى يكتب: الخروج من الرحم

-  
إبراهيم عيسى

مرَّ الزمن سريعًا أو بطيئًا فلم أكن أحسُّه.. كل ما كنت أراه الآن هو هذا التمدُّد المنتظم والانتفاخ المتوهّج الذى يحيط بجسمى كله، فى الوقت الذى لم أعد أستطيع فيه الرؤية خارج الرحم، الذى انغمست فيه وتسمَّرت به.


كان ما يجرى غامضًا وجسدى يعيد التخلُّق.. ومشاعرى مثبتّة عند هذه اللحظات العصيبة فى حياتى التى اكتشفت فيها أننى ما زلت أنا.. وزمانى ما زال، يا للألم، زمانى منذ حضور القادمين من السماء بصالة تحرير المجلة وأفاعيلهم بى.


التأمُّل المحدق فى البياض جعلنى خاملاً كسولاً بلا قدرة.. لهذا كان بسيطًا أن أموت فى جلدى رعبًا وتنقلب أحوالى حين تشتد تقلصات وصرخات وشهقات تسحبنى وتقلبنى وترمينى فى الرحم.


وإذا به يتَّسع ويضيق.


وإذا بى أهتز وأترنَّح.


وإذا بجسدى ينزلق.


وتنفرج فتحة لأرى نورًا وأشباحًا.


كنت أولد.


الوجوه مفزوعة ملتاعة.


الطبيب الممتلئ ذو النظارة الطبية المهتزة على أنف معروق، ارتجفت يده وسقط جهاز الشفط المعدنى على الأرض وتحطَّم، وخبَّأ وجهه فى كفَّيه المغطاتَين بالقفاز الطبى الذى تمزَّق تمامًا.


أُمها وخالتها وابنة خالتها اللاتى كن حول فراش الولادة مغشيًّا عليهن نهائيًّا، واحدة نحيفة قصيرة مُحجَّبة هى أُمها، مسترخية فوق المقعد الصغير الموضوع فى الحجرة وقد ذهبت إلى الجنون مباشرة، خالتها ولولت منتحبة ثم غابت عن الوعى، وبنت الخالة (التى تعد أُختها ورُبِّيت معها منذ صغرها) ألقت بنفسها على صدر المرأة وهى تبكى وتهتف:


- ليس معقولاً يا أُختى.


ثم كأنها أُصيبت بشلل مؤقَّت فَخَرَسَت.


أما هى فلم تكن تعرف ماذا يحدث بالضبط، كانت موجوعة متألّمة تشعر أن شيئًا أسطوريًّا يجرى أمامها وداخلها.


الغرفة ذات ضوء أول النهار، والأثاث قليل (أفسحت القطع الكثيرة استعدادًا للولادة)، والمياه ملقاة فى دوائر ضيّقة ومتّسعة على الأرض، وأوانٍ ومعدات طبية فى جانب السرير.


والمشهد كلّه يملأ عينَى المرأة ذات الوجه الحليبى، رأت نفسها عارية حتى صُرّتها، وفخذيها مفتوحتين فى وجه الطبيب، وبطنها مرتفعة، وبياض بشرتها مختلط باحمرار وزُرقة، وصراخها يبدأ -مرة أخرى- فى الاندفاع المُر نحو إنقاذ مفتقد على يد طبيب مذهول وعائلة ملتاعة.


لمحتنى أخرج برأسى من بين فخذيها فهَوَت نصف ميّتة، وعيناها مفتوحتان ضد التصديق.


كنت أنا بجسمى نفسه الذى تمدَّد الآن وعُريى المفضوح وشعر رأسى الخشن وشاربى المبلول وقدمى الحافيتين وقامتى القصيرة أحاول الخروج من ضيق الرحم وخنقة فخذيها لعنقى.


وجد الطبيب نفسه أمام معجزة طبية أجبرته على دخول فخذَى السيدة ومحاولة جذبى للخروج النهائى حيث تشابكت أقدامى بأحبالها وعروقها ودمها.


وضع ذراعيه تحت إبطى وحول عنقى وشدَّنى بقوة وسقط جوار الحائط، بينما هبطت منزلقًا منها مربوطًا بخيط صُرَّتى برحمها، التفتُّ إلى الموتى حولى فزعًا، مددت كفّى إلى مقص الطبيب وقطعت خيط صُرَّتى وعدوت إلى خارج الحجرة أحاول أن أستر عورتى، هبطت السلالم لاهثًا، تحت المنزل وجدت شجرة توت نحيلة انتزعت منها ورقة وضعتها على عضوى وعدوت، جريت فى الشوارع.


وفى ميدان التحرير كان الزحام خانقًا والقادمون والرائحون فى تكالبهم اليومى نحو الاعتياد.. وُبهِتُّ كُليَّةً حين لمحنى البعض ورأتنى عيون الكثيرين ومرَّت بى أجساد البشر دون أن يلفت نظرهم عُريى، ودون أن يفزعوا من قامتى العارية وجلدى المفضوح وأعضائى المكشوفة وارتباكى الغريب وورقة التوت الموضوعة بين فخذَى.


لم يعرنى أحد اهتمامًا.


لم يتفوّه أحدهم بكلمة ضدى.. أو نحوى على الأقل.


لم يغضبوا أو يسألوا.


لم يشعروا أن شيئًا غريبًا يجرى وأن عريًا لا بد أن يُستر..


وأن سؤالاً معلقًا لا بد له من إجابة: كيف ومَن أنا؟


لكنهم هنا.. لم يندهشوا.


لكن البشر لم يهتمُّوا أو يغتمُّوا أو يلتفتوا.


أخذت أجرى صارخًا.


نزعت ورقة التوت عنِّى.


وعدوت عاريًا تمامًا.


وكانوا جميعًا سائرين كأن شيئًا لا يجرى حتى ظننت أنه لا شىء قد جرى حقًّا.

<iframe src="http://tahrirnews.com/random.php" style="display:none"></iframe>

التعليقات