بعد غياب طويل عن وسائل الإعلام والصحف، قرر الدكتور مفيد شهاب، أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة، أحد أهم رجالات القانون فى مصر، أن يختص «المصرى اليوم» وقراءها بإطلالة مميزة، من خلال واحدة من أهم الدراسات القانونية التى تلخص أزمة مياه النيل وسد «النهضة» الإثيوبى، ننشر اليوم حلقتها الثانية.
د. مفيد شهاب وزير التعليم العالى، ووزير المجالس النيابية والشؤون القانونية، ورئيس جامعة القاهرة الأسبق، يكتب روشتة «أزمة حوض النيل» و«الاتفاقية الإطارية» التى فجَّرت نهراً من الأسئلة المحيرة عن كيفية الوصول لطوق النجاة لتفادى غرق مستقبل الأجيال القادمة دون مياه «النيل»، بتحليل قانونى تطرق فيه لجميع السيناريوهات والحلول، ووضع بين أيدى قرائنا ومسؤولينا، وحتى إثيوبيا نفسها، دراسة وافية عن أزمة النهر: «الحقوق، الواجبات، وتسوية النزاع» فى رحلة تاريخية قانونية استقرائية شافية وافية بالحجج والأسانيد.. عبر السطور التالية.
جاءت الاتفاقية الإطارية للتعاون لدول حوض نهر النيل (المعروفة باتفاقية عنتيبى) لعام 2007 خالية من ثلاثة نصوص، كان يجب إدراجها ضمن أحكامها، باعتبارها نصوصاً مؤكدةً لمبادئ وقواعد قانونية مستقرة بشأن الانتفاع بمياه الأنهار الدولية:
1- خلو الاتفاقية من نص يقر صراحة بعدم المساس بحقوق مصر التاريخية والمكتسبة فى مياه نهر النيل:
حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل هى حقوق مؤكدة، وتمسك مصر بها يجد أسانيده فى كل مبادئ القانون الدولى، وبالتالى يصبح إصرارها على وجود نص فى الاتفاقية الإطارية للتأكيد عليها أمراً منطقياً.
2- خلو الاتفاقية من نص أو حتى إشارة واضحة لمبدأ الإخطار والتشاور المسبق:
من المبادئ المستقرة فى الاتفاقيات والإعلانات الدولية ضرورة قيام الدول المشتركة فى حوض نهر ما (خاصة دول المنبع ودول المرور) بإخطار الدول الأخرى المشتركة فى الحوض نفسه (خاصة دول المصب)، والتشاور معها بشأن أى مشروعات تنوى إقامتها على مجرى النهر، وأن تمنحها فترة زمنية مناسبة لدراسة المشروع، وإبداء ملاحظاتها، أو اعتراضاتها عليه إن وجدت، وذلك بهدف درء الأضرار المحتملة أو تخفيضها إلى أدنى حد ممكن، أو السماح بها بالاتفاق بين الدول المعنية مع التزام الدولة المستفيدة بدفع التعويضات اللازمة.
ومن ثم فلا يجوز لأى دولة مشاطئة أن تقوم أو تسمح بتنفيذ أى مشروعات مائية على النهر إلا بعد إخطار الدول الأخرى المشاطئة، والتشاور معها إن كان لذلك مقتضى. فمبدأ الاشتراك فى المياه الذى يحكم الانتفاع بمياه الأنهار الدولية لا يمكن أن يكون فعالا دون وجود واجب الإخطار والتشاور، الذى يؤدى إعماله إلى تجنب كثير من المنازعات، التى قد تثار بين الدول المشاطئة، وقد تأكدت هذه القاعدة من خلال عدد من الاتفاقيات والإعلانات الدولية، مثل قواعد هلسنكى، التى تبناها مجمع القانون الدولى عام 1966 واتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997، وقواعد برلين، التى تبناها مجمع القانون الدولى عام 2004.
إن مبدأ الإخطار والتشاور بين الدول المشتركة فى نهر دولى أصبح من القواعد المستقرة بموجب أحكام القانون الدولى، وبناء على ذلك لا يجوز بأى حال من الأحوال أن تخرج الاتفاقية الإطارية الخاصة بدول حوض النيل على هذا النظام، وتأتى هى والاتفاقيات التنفيذية لها خالية من أحكام تفصيلية واضحة لهذا المبدأ.
3- عدم إقرار الاتفاقية قاعدة توافق الآراء كأساس لصدور القرارات أو تعديل بعض أحكام الاتفاقية:
إذ يعتبر إقرار قاعدة التصويت على القرارات، التى تتخذها الدول الأطراف فى الاتفاقيات الدولية بتوافق الآراء، لاسيما بشأن الموضوعات المهمة وتعديل أحكام الاتفاقية، بدلا من اتباع قاعدة تبنى القرارات بالأغلبية، هو الأسلوب الأنسب، الذى يجب اتباعه بشأن القرارات المتعلقة بالاتفاقية الإطارية، نظرا لحساسية موضوع هذه الاتفاقية، وتعلقها بمصالح حيوية.
وتتيح قاعدة تبنى القرارات بتوافق الآراء التوصل إلى قرارات متوازنة، ولا يتطلب الأخذ بهذه القاعدة ضرورة اتفاق جميع الدول على مشروع القرار، وإنما يتم تبنى القرار طبقاً لهذه القاعدة فى حالة عدم وجود معارضة قوية من أحد الأطراف لمشروع القرار، كما لا يعتبر الامتناع من جانب أى من الدول المشاركة عن التصويت عائقاً لصدور القرار.
وعليه يتضح أن مبدأ صدور القرارات بتوافق الآراء لا يعنى بأى حال من الأحوال استلزام تحقيق الإجماع بالموافقة من جانب كل الدول المشاركة فى التصويت على القرار، وإنما يكفى عدم المعارضة القوية من جانب أى منها للقرار، وتتفق قاعدة تبنى القرارات بتوافق الآراء مع قاعدة أساسية، وهى أن جميع الدول تتمتع بالمساواة، وتتعامل فيما بينها على أساس من الاستقلالية، ولها إرادة ذاتية، وهى فى الوقت نفسه قاعدة قانونية ذات مدلول سياسى، حيث تتفق مع اعتبارات العدالة، التى يجب أن تسود العلاقات الدولية، فضلاً عن أن القرارات الصادرة بتوافق الآراء تجعلها أقوى - ولو من الناحية المعنوية - من تلك التى يتم تبنيها استناداً إلى قاعدة الأغلبية، وتعتبر القرارات الصادرة من الدول التى تشترك فى الاستفادة من الأنهار الدولية واحدة من أبرز الأمثلة على ضرورة اتباع هذه القاعدة، بما تتيحه من ضمان حسن استخدام الموارد المائية المشتركة لصالح جميع الدول، وعدم المساس بمصالحها الأساسية، التى قد تضار من اتباع أسلوب القرارات بالأغلبية، بل إنه ليس من المضمون أن تظل الدول التى تشكل الأغلبية اليوم على هذا النحو بصفة مستمرة، فقد تنتقل إلى مصاف دول الأقلية فى الغد، وقد انعكست هذه القاعدة على عدد من قرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية، وتم اتباعها فى عدد من المحافل الدولية، فضلا عن تأكيد اتفاقية فيينا قانون المعاهدات لعام 1969 عليها فى المادة 40.
وبناءً عليه وفى ضوء الاعتبارات المتقدمة، يكون لمصر الحق فى المطالبة بأن يكون تبنى جميع القرارات (أو بعضها حسب أهمية موضوع القرار) بتوافق الآراء، ويمكن كحل بديل أن يكون صدور القرارات كقاعدة عامة بتوافق الآراء، وفى حالة تعذر ذلك يصدر القرار بموافقة أغلبية الدول الأعضاء الحاضرة، والمشاركة فى التصويت، وبشرط أن تكون مصر والسودان (باعتبارهما من دول المصب) من ضمن الدول الموافقة على القرار.
التسوية السلمية للنزاعات حول مياه نهر النيل:
من أهم الركائز التى تقوم عليها العلاقات بين الدول فى العصر الحديث، خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقيام منظمة الأمم المتحدة عام 1945، مبدأ تحريم استخدام القوة، أو التهديد بها، وضرورة حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية.
وفى هذا المعنى تقول المادة 2/3 من ميثاق الأمم المتحدة «يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم بالوسائل السلمية، على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولى عرضة للخطر»، وتؤكد المادة 2/4 من الميثاق أنه «يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً فى علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضى أو الاستقلال السياسى لأى دولة أو على أى وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة»، وتحدد المادة 33 من الميثاق ذاته آليات التسوية السلمية عندما تقرر أنه: «1- يجب على أطراف أى نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولى للخطر أن يتلمسوا حاله بادئ ذى بدء بطريقة المفاوضة، والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو أن يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية، أو غيرها من الوسائل السلمية، التى يقع عليها اختيارها».
وكذلك ما تنص عليه المادة الرابعة من القانون التأسيسى للاتحاد الأفريقى والمتعلقة بالمبادئ: «هـ- تسوية الخلافات بين الدول الأعضاء فى الاتحاد بوسائل مناسبة يقررها المؤتمر، و- منع استخدام القوة أو التهديد باستخدامها بين الدول الأعضاء فى الاتحاد».
ومبدأ الحل السلمى للنزاعات الدولية من المبادئ الموضوعية الراسخة فى مجال استخدام مياه الأنهار الدولية فى غير أغراض الملاحة، ويظهر جلياً فى الإعلانات والمواثيق الدولية، والقرارات والتوصيات الصادرة عن مؤتمرات وهيئات علمية، وفى المعاهدات الدولية المبرمة فى هذا الخصوص، حيث تنص المادة 33 من اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بقانون استخدام المجارى المائية الدولية لأغراض غير ملاحية سنة 1997 على ما يلى: «(1) - فى حالة نشوء نزاع بين طرفين أو أكثر بشأن تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية، وفى غياب اتفاق فيما بينها ينطبق على النزاع تسعى الأطراف المعنية إلى التوصل لتسوية النزاع بالوسائل السلمية. (2) - إذا لم تتمكن الأطراف المعنية من التوصل إلى اتفاق عن طريق التفاوض بناء على طلب أحد الأطراف يجوز لها أن تشترك فى طلب المساعى الحميدة أو الوساطة أو التوفيق من طرف ثالث، أو أن تستخدم حسب الاقتضاء، أى مؤسسات للمجرى المائى المشترك تكون الأطراف قد أنشأتها، أو أن تتفق على عرض النزاع على التحكيم، أو على محكمة العدل الدولية. (3) - رهناً بأعمال الفقرة 10، وإذا لم تتمكن الأطراف المعنية، بعد ستة أشهر من وقت طلب المفاوضات المشار إليها فى الفقرة 12 من تسوية نزاعها عن طريق التفاوض، أو أى وسيلة أخرى مشار إليها فى الفقرة 12 يعرض النزاع بناء على طلب أى طرف فى النزاع على لجنة محايدة لتقصى الحقائق وفقاً للفقرات من 4 إلى 9 ما لم تتفق الأطراف على خلاف ذلك».
.كما نصت على المبدأ ذاته المادة 7 من قواعد هلسنكى سنة 1966 التى تقرر التزام الدول بحل المنازعات المتعلقة بحقوقها القانونية، أو مصالحها الأخرى بالطرق السلمية، طبقاً لما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة، وأعادت التأكيد عليه فى مواضع عدة، منها المادة 30 التى تنص على أن الدول فى حالة نشوب نزاع بينها بخصوص حقوقها القانونية، أو أى مصالح أخرى يتعين عليها اللجوء للتفاوض لحله.
وخصصت قواعد برلين سنة 2004 الفصل الرابع عشر منها لحل المنازعات المتعلقة بالمياه، فنصت فى المادة 72 فقرة 1 على التزام الدول بحل منازعاتها المتعلقة بمسائل تدخل فى إطار قواعد برلين بالطرق السلمية، كذلك ظهر مبدأ الحل السلمى واضحاً فى عدة مواضع باتفاقيات نهر النيل، منها على وجه الخصوص المادة الأولى من الإطار العام للتعاون بين مصر وإثيوبيا، الموقعة فى أول يوليو سنة 1993، التى تنص على تأكيد طرفيها التزامهما بمبادئ حسن الجوار، والحل السلمى للمنازعات، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية للدول.
بل إن اتفاقية عنتيبى نفسها تؤكد الحل السلمى للمنازعات، وأنه فى حالة قيام نزاع بين دولتين أو أكثر من دول حوض النيل بخصوص تفسير أو تطبيق الاتفاقية يتعين على الدول حل النزاع على نحو سلمى بالسبل المذكورة فى المادة ذاتها، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك. وأكدت الاتفاقية أنه فى حالة فشل أطراف النزاع فى الوصول إلى حل بطريق التفاوض يمكن الالتجاء إلى المساعى الحميدة أو التوفيق أو الوساطة، من خلال Nile River Basin Commisson أو طرف ثالث، أو يمكن لأطراف النزاع عرضه على التحكيم طبقاً للإجراءات المتبناة من المجلس، أو عرضه على محكمة العدل الدولية. وإذا لم يتم التوصل لحل الخلاف بالطرق السلمية السابق الإشارة إليها فى غضون ستة أشهر، تتم إحالة النزاع إلى لجنة تقصى حقائق، وفقاً للمنصوص عليه فى ملحق بالاتفاقية، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك.
مدى جدوى الدراسات القانونية المتعمقة المساندة لحقوق مصر:
لا بد أن يكون واضحاً أنه بغض النظر عن وسيلة التسوية التى يمكن الاتفاق على اللجوء إليها، فإن الخلفية الأساسية لهذه الوسيلة التى تدعم بقوة الموقف المصرى هى بلا شك مجموعة القواعد القانونية الخاصة بالأنهار الدولية، واتفاقيات وقرارات الأمم المتحدة، وأحكام القضاء الدولى، والسوابق الدولية فى المعاملات الدولية الثنائية والجماعية، فضلاً - بطبيعة الحال - عن الاتفاقيات الثنائية التى أبرمتها مصر مع دول حوض النيل.
ونجاح أى وسيلة تسوية سلمية فى تحقيق الغرض منها، وحل النزاعات مرهون بصفة خاصة بمدى قدرة مصر على تقديم الحجج القانونية القوية المقنعة، التى لا تقبل جدلاً أو تشكيكاً، ولا يجب أن نلتفت لما يدعيه البعض عادة أن القانون الدولى لم تعد له قيمته فى مجتمع القوة الذى يسود العلاقات الدولية، أو أن القانون الدولى ليست له وسائل لتفعيله، أو ضمان تنفيذ أحكامه أو إلزام الآخرين به، ذلك أنه من الثابت أن أى طرف يكون فى موقف أفضل وأقوى عندما يستند فيما يطرحه لحكم القانون، وعندما يربط حقوقه ومصالحه بقواعد قانونية تدعمها وتؤكدها، وعليه لا يجب أن نغفل قيمة الأحكام القانونية فى كل الأحوال:
■ ففى حالة الحوار التفاوضى: أيهما أنفع أو أجدى.. أن يتم ذلك فى ظل الاستناد لأحكام قانونية قاطعة تؤكد صحة ما نطالب به؟ أو أن يتم ذلك فى إطار كلام عام دون هذا السند القانونى؟
■ وفى حالة توتر النزاع واستمراره نتيجة فشل التسوية الودية - وهذا ما يجب أن نتجنبه وألّا نصل إليه بأى حال - ففى مثل هذه الحالة قد نلجأ إلى التحكيم الدولى أو القضاء الدولى (إذا تحققت موافقة الطرف الآخر فى النزاع على اللجوء إلى أى من الوسيلتين)، وهنا أيضا فإننا نكون فى أمس الحاجة إلى الأسانيد القانونية، التى تؤكد حقوقنا، باعتبار أن النزاع سيتم البت فيه من خلال هيئات مستقلة تعتمد على حكم القانون دون غيره.
التعاون المشترك بين دول حوض النيل:
من الضرورى لفت النظر إلى أن أى حديث عن حكم القانون، وعن وسائل التسوية لا بد أن يوازيه، ويلتقى معه ويدعمه إيمان حقيقى بأهمية التعاون مع دول حوض النيل، جماعات وفرادى، بما يراعى حقوق الجميع، ويحقق مصالحهم.
وإذا كنا نتحدث كثيراً عن قيمة الانفتاح على أفريقيا، فإن اتخاذ خطوات سريعة وفعالة للتعاون المشترك مع دول حوض النيل أصبح حتمياً.
ليكن حديثنا لأشقائنا فى دول حوض النيل: تعالوا نُعلِ روح الحوار من أجل التعاون. تعالوا نبحث مشروعات للتنمية المشتركة، ونحن على أتم الاستعداد لتقديم كل صور المساعدات الفنية. تعالوا ننفذ أفكار التكامل، التى تفيدنا جميعاً. تعالوا نبحث معاً كيف ننقذ ما يهدر من مياه النيل لمصلحتكم ومصلحتنا، وكيف نزيد مصادر الطاقة، وكيف نزيل أخطار بناء السد، سواء فى سنوات البناء أو بعد إتمامه.
وعلينا فى مصر أن نعمل على تكثيف التبادل التجارى وتشجيع الاستثمارات المصرية مع دول حوض النيل، وعلينا أن نركز الاتصالات مع الدول المانحة والبنك الدولى والدول المستفيدة، للتأكيد على رعاية مصالح الجميع، والبحث عن تمويل مشروعات التنمية دون إضرار بأحد.
وعلينا كذلك تكثيف الجهود الدبلوماسية والشعبية - على مختلف المستويات - مع إثيوبيا، والتواصل المستمر معها فى مناقشة الجوانب الفنية والهندسية المترتبة على بناء السد، ووسائل تفادى الآثار الضارة على دول المصب، ولا بد أن نحرص على التنسيق المستمر بين مصر والسودان، لضمان موقف موحد، مع ضرورة تكثيف التعاون مع دولة جنوب السودان بعد أن أعلنت انضمامها لاتفاقية عنتيبى.
ولا بد من التحذير من خطورة النبرة الإعلامية الحادة، أو نشر أو بث أى مادة إعلامية تثير حفيظة دول حوض النيل، وعلينا أن نفكر جدياً فى فتح صفحة جديدة مع إثيوبيا تقوم على تبادل المصالح، بل يمكن أن ندرس جدوى القيام بدور يخفف من حدة توتر العلاقات بينها وبين إريتريا وتقديم الخبرات الفنية لها.
بل علينا أن نتذكر أن إثيوبيا دولة مغلقة (Landlocked State) لا تطل على بحار، ويمكننا أن ندرس خلق منافذ بحرية لها على شواطئنا، إذا وجدنا استجابة منها لملاحظاتنا وطلباتنا حول الاتفاقية الإطارية والنتائج والآثار المترتبة على بناء «سد النهضة».
والقضية- بمختلف أبعادها- ذات أهمية قصوى، وهى جديرة بأن تكون على رأس قائمة أولوياتنا، وألا ندخر جهدا فى سبيل حلها، استنادا لحقوقنا وبما يحفظ مصالحنا، لأنها قضية أمن قومى، كما أنها فى حاجة لكل فكر وخبرة، تجنبا للتداعيات السلبية، التى ستترتب على إنشاء السد. أليست «مصر هبة النيل» كما قال «هيرودوت»؟