ايجى ميديا

الخميس , 25 أبريل 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

فيلم «اليهود فى مصر».. لا تتحسس مسدسك وأنت تشاهده

-  
نشر: 15/2/2013 10:40 ص – تحديث 15/2/2013 10:40 ص

ذهبت لمشاهدة فيلم «اليهود فى مصر» للمخرج أمير رمسيس الذى عُرض مؤخرا فى جمعية نقاد السينما المصرية. ولا أخفيكم، فقد كنت ذاهبة وأنا، كما يقول التعبير المجازى، أتحسس مسدسى. سمعت كثيرا عن الفيلم وأنه مثير للجدل والمناقشات. وأعرف جيدا أنه عندما تقال مثل هذه الكلمات عن عمل فنى ما يتعرض للمسألة اليهودية أو لإسرائيل فلا بد أن نتوقع الأسوأ، ليس لسبب سوى أننا عانينا من تجارب سينمائية لا تعد ولا تحصى، تتجمل بالفن لتمرير وجهات نظر تطبيعية، وتتغلف بالمشاعر الطيبة لتجعلنا نقبل بمواقف من انحاز إلى مشروع عدائى.

يبدأ الفيلم من خلال بعض اليهود الذين يتحدثون عن عواطفهم وذكرياتهم فى علاقتهم بمصر التى كانوا يعيشون فيها، عن القاهرة بشوارعها ولياليها، عن الإسكندرية بنواديها وشواطئها وحياتها الثقافية. البداية فى الحقيقة هى جيدة وموفقة لمشاهِد لا يتحسس مسدسه مثلى. أما فى حالتى، فبمجرد أن يبدأ الفيلم بالحديث عن عواطف اليهود أسترجع فى ذاكرتى فيلم «سلطة بلدى» الذى بدأ بمثل هذه الذكريات الحميمة لأشخاص عاشوا فى مصر يسمعون أغانيها، ويأكلون من طعامها ليقودنا الفيلم فى نهاية المطاف إلى قلب إسرائيل، لنقابل تلك الشخصيات التى ما زالت تسترجع ذكرياتها، مع فارق وحيد وهو أن نفس هذه الشخصيات الحميمة هى التى تركت مصر قبل عام ١٩٤٨ لبناء الدولة الصهيونية.

الآن قد يفهم البعض سر «المسدس» الذى أحمله معى دائما لمشاهدة الأفلام التى تتناول مثل هذه المواضيع. إلا أن أمير رمسيس يفاجئنى، بالمعنى الحرفى للكلمة، لنكتشف معه أن هذه العواطف التى بدأ بها فيلمه هى عواطف حقيقية لبشر عاشوا فى مصر، ناضلوا فيها، وارتبط كل تاريخهم بمشروعها السياسى والاجتماعى، إنهم أشخاص انتموا إلى مشروع التحرر الوطنى فى فترة حاسمة من تاريخ هذا البلد. الفرق الوحيد بينهم وبين آخرين أن أصولهم يهودية، وهو الذى جعل مصائرهم تختلف عن مصائر الكثير مثلهم من المصريين الذين ارتبطوا معهم بنفس المشروع النضالى.

ما هذه المثالية؟ أعود وأتحسس مسدسى مرة أخرى، فلا يمكن أن يكون هناك أشخاص بمثل هذه المثالية تجاه بلد قامت بإخراجهم منها بالقوة. كيف يتحدثون عن عبد الناصر وعن مشروع تحرره الوطنى رغم سلبيات حكمه بمثل هذه العاطفة؟ كلها أسألة دارت فى ذهنى عند بداية مشاهدتى للفيلم، وأكرر مرة أخرى: فقد كانت كلها تساؤلات تدور فى رأسى بينما قبضتى تمسك بالمسدس.

وإذ نكتشف أيضا أن الأمر ليس له أى علاقة من بعيد أو من قريب بالمثالية، فأبطال الفيلم ممن عاشوا كل هذه الأحداث أو أبناؤهم أو أحفادهم يغضبون أحيانا، وأحيانا لا يتذكرون إلا أسوأ اللحظات وهى عند خروجهم من مصر، ولكن دائما يحاولون تحليل ما حدث، ووضعه فى سياقه، ومحاولة فهمه، ليس باعتبارهم أجانب، وإنما باعتبارهم مصريين حلموا بما كان يحلم به المصريون وعانوا مما عانى منه هؤلاء الذى حلموا بأكثر من التحرر الوطنى، بوطن عادل.

هذه الموضوعية التى تحمل وجهة نظر وانتماء لمشروع وطنى محدد هى سمة كل الشهادات فى الفيلم رغم اختلافاتها، إنها سمة هذا الفيلم الذى يتطرق إلى منطقة شائكة وحساسة ومعقدة بتفاصيلها ولكنه يبحث عن ما حدث. إنها ليست الموضوعية العمياء التى تطرح كل وجهات النظر وعلى المشاهد أن يختار ما يناسبه، إنما الموضوعية التى تحلل الوقائع وتنتمى إلى مشروع محدد، ولهذا فهى تقدم شهادات ووثائق لا تقييمات جزافية قد تخدع من على استعداد لذلك.

بدأت تدريجيا أرخى قبضتى عن مسدسى، بدأت أبتسم مع أبطال الفيلم وهم يتحدثون عن حبهم من عدمه لأم كلثوم، عن التفاصيل اليومية والطريفة لحياة البعض منهم فى السجون المصرية بسبب انتمائهم للحركة الشيوعية المصرية. بدأت حتى أتعاطف معهم وأتخيل حماسهم المتوهج فى الدفاع عن مدن القناة وقت العدوان الثلاثى، ببساطة بدأت أصدقهم.

إن حميمية الشهادات مع دقة التحليل والبحث التاريخى فى هذا الفيلم، تجعلنا نفهم الفارق بين العواطف الواعية التى أصلها تجربة حقيقية منحازة إنسانيا وغير مشوهة بأى معايير أخرى، وبين العواطف التى عادة ما تقدم لنا، كما سبق أن ذكرت، لتغليف وتجميل رسائل تطبيعية، فيكون علينا وتحت شعار القبول بالآخر «الإنسانى»، القبول بالكيان الصهيونى.

إن أبطال ومخرج هذا الفيلم يفرقون بشكل صريح وواضح بين الصهيونية كمشروع سياسى عنصرى وبين اليهودية كدين، رغم أنهم يرفضون فى نفس الوقت التحليل الطائفى للتاريخ. إن كل تجربتهم الإنسانية والعاطفية قامت على هذه التفرقة، كل المسارات الحاسمة فى حياتهم والخيارات التى تبنوها كانت لها بوصلة واحدة: التحرر الوطنى والنضال فى سبيل وطن عادل لبلد انتموا إليه وعندما اضطروا إلى تركه، اختاروا الذهاب إلى بلد ثالث لا إلى إسرائيل.

الاختيار لهذه الشخصيات كأبطال للفيلم وليس غيرها هو أيضا اختيار واعٍ، فالأمر لا يتعلق باليهود لمجرد أنهم يهود، فهنا كان الفيلم سينجرف إلى التقسيم الطائفى مرة أخرى، بينما الحديث هو عن أشخاص لم يلعب الدين أى دور فى خياراتهم السياسية وانتمائهم الوطنى، لكنه كان حاسما فى الحكم عليهم وعلى مصائرهم الحياتية عندما بدأ التقسيم الطائفى يكون هو الذريعة للتقسيم الإمبريالى.

يعرف معظمنا هذه الفترة بالسليقة، بالاستنتاج العام والوصول إلى نتائج من خلال مقدمات، ولكن إلى أى حد كنا نعرف بالمعلومات والوثائق عن الدور الذى لعبه الإخوان المسلمون فى خروج اليهود المصريين؟ هذا الدور الذى كانت له نفس أهمية دور المنظمات الصهيونية التى كانت تعمل لنفس الهدف وهو خروج اليهود من مصر. هنا يقدم لنا فيلم أمير رمسيس وبالأدلة الدامغة شهادة موثقة عن دور الإخوان المسلمين والمنظمات الصهيونية فى التفجيرات التى حدثت داخل مصر وأدت إلى خروج اليهود. رغم ذلك، لا يحاول مخرج الفيلم أن يبرئ ساحة جمال عبد الناصر من تهمة طردهم، إنه ببساطة يضع الأمور فى سياقها التاريخى وفى حجمها الطبيعى، فيكتشف المشاهد ملابسات ما حدث بكل ما فيه من تناقضات ومن أخطاء ارتكبها نظام عبد الناصر فى بعض الأحيان. قد يكون فيلم «اليهود فى مصر» قد اختار الطريقة الكلاسيكية فى عمل الفيلم التسجيلى المعتمد بشكل أساسى على الشهادات والمقابلة بينها، بالإضافة إلى صوت وتعليق الراوى، والذى يمدنا من وقت إلى آخر بالمعلومات التاريخية، هذا التعليق الذى كان سببا فى كسر السياق الحميم والشخصى لرواية الأحداث فى بعض الأحيان. إلا أن المضمون المنحاز إلى هذا الفيلم يجعله يقترب من الاتجاه الحديث فى عمل الفيلم التسجيلى والذى يحلل وينظر للعالم من وجهة نظر شخصية، فلا يتبنى موضوعية مزيفة، وإنما موضوعية قائمة على القناعات الشخصية والانتماءات المختلفة.

من ناحية أخرى فإن الانتاج المستقل لـ«اليهود فى مصر» يجعلنا نفهم بدرجة أكبر لماذا تتاح إمكانيات الإنتاج الضخم لنوع من الأفلام، بينما هناك نوع آخر يبحث عن الحقيقة ولكنه يرفض أن يساوم على النتائج، فيكون عليه الاعتماد على جهوده الذاتية اعتمادا كاملا، ويخرج بذلك من نطاق السوق التقليدى لتمويل الأفلام التسجيلية، خصوصا إذا كان سيعالج قضية شائكة مثل التى عالجها أمير رمسيس فى فيلمه.

وأخيرا أنصحك عزيزى المشاهد أن لا تكرر الخطأ الذى وقعت فيه وأنا ذاهبة لمشاهدة فيلم «اليهود فى مصر»، اترك مسدسك جانبا واذهب مطمئنا لتتعرف على بشر حقيقيين يستحقون المعرفة وفترة تاريخية تستحق الدراسة الجادة.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات